وكذا كان الرجل شاعراً مجيداً، وله شعر رائق على حد تعبير الحافظ الذهبي (١)، الأمر الذي وفر غطاءاً علمياً لياقوت الحموي ليترجم له في كتابه الماتع " معجم الأدباء"، ويذكر له من شعره قوله :
- - - ٠تشوهت الدنيا وأبدت عوارها
وضاقت عليَّ الأرض بالرحب والسعه
؟؟
؟وأظلم فِي عيني ضياء نهارها
لتوديع مَنْ قد بان عني بأربعه
؟؟
؟فؤادي وعيشي والمسرة والكرى
فإن عاد عاد الكلُّ والأنس والدعه(٢)
- - -
ولقد كانت له معرفة جيدة بالتاريخ والأخبار يدلنا على ذلك أنه ألف كتاباً أسماه
" المغازي "(٣) ولعله تناول فيه مغازي رسول الله - ﷺ -بالكلام والحديث عنها.
أما الفقه فقد كانت له يد طولى فيه، وكان حسن المعرفة بالخلاف، شافعي المذهب لا يحيد عنه حتى في النادر، ونجد صديقنا الدكتور محسن عبد الحميد - أمد الله في عمره - يقول عنه ما نصه :(( ولذلك فإنه يرجح في المسائل المختلف عليها رأي مذهبه، ويرد كل رأي يؤول إلى الاصطدام مع مذهبه، فهو مثلاً يرد على الفرَّاء ؛ لأَنَّهُ قَالَ : إن قوله تَعَالَى :﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى ﴾ (٤) نسخ بقوله تَعَالَى فِي سورة المائدة :﴿ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ﴾ (٥)، ولما كَانَ هَذَا يخالف مذهبه إذ يؤول إلى تجويز قتل الحر بالعبد كَمَا هو مذهب الحنفية، رد عَلَيْهِ فَقَالَ: والصَّحِيْح أن هَذِهِ الآية غَيْر منسوخة؛ لأن حكم الآية ثابت، ولم تدل على أن الذكر لايقتل بالأنثى )) (٦).

(١) سير أعلام النبلاء ١٨ /٣٤١.
(٢) معجم الأدباء ١٢/٢٦٢.
(٣) المصدر السابق.
(٤) البقرة : ١٧٨.
(٥) المائدة : ٤٥.
(٦) الواحدي ومنهجه في التفسير، د. محسن عبد الحميد، مجلة الرسالة الإسلامية : ٥٧.


الصفحة التالية
Icon