قَالَ المفسرون (١) : خرج كعب بن الأشرف في سبعين راكباً من اليهود إلى مكة بعد وقعة أُحد، ليحالفوا قريشاً عَلَى(٢) رَسُول الله - ﷺ - وينقضوا العهد الذي كَانَ (٣) بينهم وبين رَسُول الله - ﷺ -. فَنَزَل كعب على أبي سفيان، ونزلت اليهود في دور قريش، فقال(٤) أهل مكة : إنكم أهل كتاب، ومحمد صاحب كتاب، ولا نأمن أن يكون هذا مكراً منكم، فإن أردت أن نخرج معك فاسجد لهذين الصنمين، وآمن بهما. فذلك قوله:
﴿ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ ﴾ ثُمَّ قَالَ كعب لأهل مكة : ليجيء منكم ثلاثون ومنا ثلاثون، فنلزق أكبادنا بالكعبة فنعاهد رب البيت لنجهدن عَلَى قتال مُحَمَّدٍ. ففعلوا ذَلِكَ فلما فرغوا قَالَ أبو سفيان لكعب : إنك امرٌ تقرأ الكتاب وتعلم، ونحن أميون لا نعلم، فأيّنا أهدى طريقاً وأقرب إلى الحق، أنحن أم مُحَمَّد ؟ فَقَالَ كعب: اعرضوا عليَّ دينكم، فَقَالَ أبو سُفْيَان: نحن ننحر للحجيج الكوماء، ونسقيهم الماء واللبن (٥)، ونَقْرِي الضيف، ونفك العاني، ونصل الرحم ؛ ونعمر بيت ربنا، ونطوف به، ونحن أهل الحرم ؛ ومحمد فارق دين آبائه، وقطع الرحم، وفارق الحرم ؛ وديننا القديم ودين محمدٍ الحديث. فقال كعب : أنتم والله أهدى سبيلاً مما هو عليه. فأنزل الله تعالى :﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ ﴾ [النساء : ٥٠] يعني كعباً وأصحابه.
قوله - عز وجل -: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّه … الآية ﴾ [النساء : ٥٢].
(٢) في ( ه) :(( على غدر )).
(٣) لم ترد في ( ب ).
(٤) في ( ص ) :((فقال لَهُ )).
(٥) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه).