فَقَالَ : إن عياشاً بن أبي ربيعة المخزومي أسلم وخاف أن يظهر إسلامه، فخرج هارباً إِلَى المدينة فقدِمَها، ثُمَّ أتى أُطُماً مِنْ آطامها فتحَّصن فِيهِ. فجزعت أمه جزعاً شديداً، وقالت لابنيها أبي جهل والحارث بن هشام- وهما أخواه لأمه-: والله لا يظلني سقف بيت، ولا أذوق طعاماً ولا شراباً حَتَّى تأتوني بِهِ، فخرجا في طلبه وخرج معهما (١) الحارث بن زيد بن أبي أنيسة، حَتَّى أتوا المدينة، فأتوا عياشاً وَهُوَ في الأُطُم، فقالا لَهُ: انزل فإن أمَّك لَمْ يؤوها سقف بيتٍ بعدك، وَقَدْ حلفت لا تأكل(٢) طعاماً ولا تشرب (٣) شراباً حَتَّى ترجع إليها، ولك الله علينا أن لا نكرهك عَلَى شيءٍ، ولا نحول بينك وبين دينك. فَلَمَّا ذَكَرَ لَهُ جزع أمه وأوثقا لَهُ نزل إليهم، فأخرجوه مِنْ المدينة وأوثقوه (٤) بنِسْعة (٥)، وجلده كُلّ واحدٍ (٦) مِنْهُمْ مئة جلدة، ثُمَّ قدموا بِهِ إِلَى أمه فقالت : والله لا أحلك مِنْ وثاقك حَتَّى تكفر بالذي آمنت بِهِ ثُمَّ تركوه موثقاً في الشمس فأعطاهم بَعْض الَّذِي أرادوا، فأتاه الحارث بن يزيد، وَقَالَ :
(٢) في ( ص ): (( تذوق )).
(٣) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه).
(٤) في ( ص ) :(( وأوثقوه حبل من أدم بنسعة )).
(٥) في ( س ) و ( ه) :(( بنسع )).
(٦) في ( ص ) :(( رجل )).