وقال زيد بن أسلم : مَرَّ شاس بن قيس اليهودي - وكان شيخاً قد غبر (١) في الجاهلية، عظيم الكفر، شديد الضغن على المسلمين، شديد الحسد لهم-على نفر من أصحاب رَسُول الله - ﷺ - من الأوس والخزرج في مجلس جمعهم (٢) يتحدثون فيه، فغاظه ما رأى من جماعتهم وَألفَتهم، وصلاح ذات بينهم في الإسلام، بعد الذي كان بينهم في الجاهلية من العداوة، فَقَالَ : قد اجتمع ملأ بني قَيلَةَ بهذه البلاد، لا والله ما لنا معهم إذا اجتمعوا بها من قرارٍ. فأمر شاباً من اليهود كَانَ معه فَقَالَ : اعمد إليهم فاجلس معهم، ثم ذَكرهم يوم (٣) بعاثٍ وما كان قبله، وأنشدهم بعض ما كانوا تَقَاوَلوا فيه من الأشعار. وكان بعاث يوماً اقتتلت فيه الأوس والخزرج، وكان الظفر فيه للأوس على الخزرج. ففعل فتكلم القوم عند ذَلِكَ فتنازعوا وتفاخروا، حتى تواثب رجلان من الحيين: أوس بن قَيظى (٤) أحد بني حارثة من الأوس، وجبار (٥) بن صخرٍ، أحد بني سلمة من الخزرج. فتقاولا، ثُمَّ (٦) قال أحدهما لصاحبه : إن شئت والله رددتها الآن جذعة، وغضب الفريقان جميعاً وقالا (٧) : ارجعاها (٨) قد فعلنا، السلاح السلاح موعدكم الظاهرة. وهي حرة، فخرجوا إليها. وانضمت الأوس والخزرج بعضها إلى بعض على دعواهم التي كانوا عليها في الجاهلية. فبلغ ذلك رسول الله - ﷺ -، فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين حتى جاءهم، فَقَالَ :(( يا معشر المسلمين أبدَعوى(٩)
(٢) في ( س ) و ( ه) :(( قَدْ جمعهم )).
(٣) في ( س ) :(( بيوم )).
(٤) في (ه) :(( ابن قبطي )) وهو تحريف.
(٥) في (ه) :((وجابر )) وهو خطأ.
(٦) في ( س ) و ( ه) :(( و )).
(٧) في (ه) :(( وقالا أرجعا السلاح )).
(٨) سقطت من ( س )، وفي ( ه) :(( وقالا ارجعا السلاح )).
(٩) في (ه) :(( أتدعون )).