ثعلبة، والذي صنع السلمي، فأنزل الله تَعَالَى :﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ ﴾ إلى قوله تعالى :﴿ وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ ﴾ [التوبة: ٧٧]. وعند رسول الله - ﷺ - رجلٌ من أقارب ثعلبة، فسمع ذلك فخرج حتى أتى ثعلبة، فقال: ويحك يا ثعلبة، قد أنزل الله تَعَالَى فيك كذا وكذا. فخرج ثعلبة حتى أتى النبي - ﷺ - فسأله أن يقبل منه صدقته، فقال: (( إن الله قد منعني أن أقبل منك صدقتك))، فجعل يحثوُ الترابَ على رأسه، فقال رسول الله - ﷺ -: (( هذا عملك ! قد أمرتك فلم تطعني )). فلما أبى أن يقبل منه شيئاً رجع إلى منزله. وقُبضَ رسولُ الله - ﷺ -، وَلَمْ يقبل مِنْهُ شيئاً، ثُمَّ أتى أبا بكر حِيْنَ استخلف فَقَالَ: قَدْ علمت منزلتي من رسول الله - ﷺ - وموضعي من الأنصار، فاقبل صدقتي (١). فقال : لم يقبلها رسول الله - ﷺ - وأنا
أقبلها ؟ فقبض أبو بكر وأبى أن يقبلها (٢). فَلَمَّا ولي عمر بن الخطاب أتاه فَقَالَ: يا أمير المؤمنين، اقبل صدقتي فَقَالَ: لَمْ يقبلها رَسُوْل الله - ﷺ -، ولا أبو بكر وأنا أقبلها /٧٠ب/ منك ؟ فلم يقبلها. وقبض عمر ثم ولي عثمان فأتاه فسأله أن يقبل صدقته، فقال : رسول الله - ﷺ - لم يقبلها ولا أبو بكر ولا عمر وأنا أقبلها منك ؟ فَلَمْ يقبلها عثمان، وهلك ثعلبة في خلافة عثمان (٣)

(١) لَمْ ترد في ( ص )
(٢) في ( ص ) :(( وَلَمْ يقبلها )).
(٣) القصة أخرجها الطبري في تفسيره ١٠/١٨٩ –١٩٠، وابن أبي حاتم في تفسيره ٦/١٨٤٧ (١٠٤٠٦) و(١٠٤٠٨)، والطبراني في الكبير (٧٨٧٣)، والمصنف في الوسيط ٢/٥١٣، والبغوي في تفسيره (١٠٩٤).
وذكرها السيوطي في الدر المنثور ٤/٢٤٦ وزاد نسبتها الى الحسن بن سفيان وابن المنذر وابي الشيخ والعسكري في الأمثال وابن منده والباوردي وابي نعيم في معرفة الصحابة والبيهقي في الدلائل وابن مردويه وابن عساكر.
وهي –أي القصة – موضوعة مكذوبة لا اصل لها وسندها مسلسل بالعلل وكما يأتي :
العلة الأولى : معان بن رفاعة السلامي، ضعفه ابن معين وابو حاتم والجوزجاني ويعقوب بن سفيان وابن حبان العلة الثانية : علي بن يزيد الألهاني متروك، قال عنه البخاري منكر الحديث وقال النسائي والدارقطني متروك.
العلة الثالثة : القاسم بن عبد الرحمان. قال عنه الإمام أحمد : روى عنه علي بن يزيد أعاجيب وما أراها إلا من قبل القاسم. وقال ابن حبان : كان يروي عن أصحاب رسول الله - ﷺ - المعضلات.
العلة الرابعة : التفرد، فلم يروه عن ابي أمامة سوى القاسم بن عبد الرحمان ولم يروه عن القاسم سوى علي، ولم يروه عن علي سوى معان ولا يقبل تفرد واحد من هؤلاء لضعفهم فالإسناد مظلم. وقال العلامة الكبير أحمد شاكر في تعليقه على تفسير الطبري ١٤/٣٧٣ من طبعته (( وهو ضعيف كل الضعف ليس له شاهد من غيره، وفي بعض رواته ضعف شديد )).
وقال ابن حزم في المحلى ١١/٢٠٨ :(( وهذا باطل بلا شك لأن الله أمر بقبض زكوات أموال المسلمين وأمر عليه السلام عند موته أن لايبقى في جزيرة العرب دينان فلا يخلو ثعلبة من أن يكون مسلماً ففرض على أبي بكر وعمر قبض زكاته ولا بد ولا قسمة في ذلك، وإن كان كافراً ففرض أن لا يقر في جزيرة العرب، فسقط هذا الأثر بلا شك، وفي رواته معان بن رفاعة، والقاسم بن عبد الرحمان، وعلي بن يزيد وهو ابو عبد الملك الألهاني، وكلهم ضعفاء )).


الصفحة التالية
Icon