وقال قتادة وغيره (١): حث رسول الله - ﷺ - على الصدقة، فجاء عبد الرحمان بن عوف بأربعة آلاف درهم، وقال: يا رسول الله، مالي ثمانية آلاف جئتك بنصفها فاجعلها في سبيل الله، وأمسكت نصفها لعيالي فقال رسول الله - ﷺ -: (( بارك الله لك فيما أعطيت وفيما أمسكت )). فبارك الله في مال عبد الرحمان حتى أنه خلف امرأتين يوم مات فبلغ ثُمنُ ماله لهما مئةً وستين ألف درهم - وتصدق يومئذ عاصم بن عدي بن العجلان بمئة وسق من تمر، وجاء أبو عقيل الأنصاري بصاع من تمرٍ وقال: يا رسول الله بت ليلتي أجر بالجرير الماء حتى نلت صاعين من تمر فأمسكت أحدهما لأهلي وأتيتك بالآخر. فأمره رسول الله - ﷺ - أن ينَثُرهُ في الصدقات. فلمزهم المنافقون وقالوا: ما أعطى عبد الرَّحْمَان بن عوف (٢) وعاصم إلا رياءً، وإن كان الله ورسوله غنيين عن صاع أبي عقيل، ولكنه أحب أن يذكر نفسه. فأنزل الله تعالى هذه الآية.
قوله - عز وجل - :﴿ وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً…الآية ﴾ [التوبة : ٨٤].

(١) تفسير مجاهد : ٢٨٤، وتفسير عبد الرزاق ٢/١٥٩(١١١٢)، والنسائي ١/٥٥٠(٢٤٣)والطبري في جامع البيان ١/١٩٤، وابن أبي حاتم في تفسيره ٢/٢٠٤، والبغوي في معالم التنزيل ٢/٣٧٤ (١٠٩٦)، والزمخشري في الكشاف ٢/٢٠٤، وابن غطية في التفسير ٦/٥٧٧، والخازن في لباب التأويل ٣/١٢٨، وأبو حيان في البحر المحيط ٥/٧٥، وابن كثير ١/٥١٢، والثعالبي ٣/٢٠٠، والسيوطي في لباب النقول : ١٢١، وفي الدر المنثور ٤/٢٤٩ وزاد نسبته لابن المنذر وأبي الشيخ وأبن مردويه وأبي نعيم في المعرفة.
(٢) بن عوف )) لَمْ ترد في ( س ) و ( ‍ه‍).


الصفحة التالية
Icon