فبينما هو نائمٌ ذاتَ يومٍ، إذْ أتاه مَلكان(١) فقعد أحدُهما عند رأسه، والآخَرُ عند رجلَيْه. فقال الذي عند رأسه: ما بالُ الَّرجُلِ؟ قَالَ: طُبَّ. قَالَ: وما الطُّبُّ(٢)؟ قَالَ: سحرٌ. قَالَ: ومَن سحَرَه؟ قال: لَبيدُ بن الأعْصَم اليهوديُّ. قال: وبم طَبَّه؟ قال: بمُشْطٍ ومُشَاطَةٍ. قال: وأيْنَ هو؟ قَالَ: فِيْ جُفِّ طَلْعَةِ تحت راعُوفَةٍ فِيْ بئر ذَرْوَانَ.
و((الجُفُّ)): قشُر الطَّلْع. و((الرَّعُوفَة)): حجرٌ فِيْ أسفل البئر، يقوم عَلَيْهِ الماتِحُ(٣).
فانتبَهَ رسول الله - ﷺ - فقال: ((يا عائشةُ! أمَا شَعَرْتِ أن الله أخبرني بدائي؟!)) ثُمَّ بعث عليَّاً والزُّبيرَ وعَمَّارَ بن ياسِر، فنَزَحوا ماءَ تلكَ البئرِ كأنه نُقاعةُ الحِنَّاءِ، ثُمَّ رفعوا الصخرةَ وأخرجوا الجفَّ، فإذا فِيْهِ مُشاطَةُ رأسِه - ﷺ - وأسنانُ مُشْطِه، وإذا وترٌ معقودٌ(٤) /١٢٤ أ/ فِيهِ إحدى عشرةَ عُقْدَةً مغروزةً بالإبر.
(٢) قال أبو عُبَيد: (( إنما قَالوا للمسحور: مطبوب، لأنهم كنوا بالطب عن السحر، كما كنوا عن اللديغ فقالوا: سليم، تفاؤلاً بالسلامة)). راجع اللسان٢/٤٢، والنهاية ٣/٣٠، وفتح الباري ١٠/١٧٩، وشرح مُسْلِم للنووي ١٤/١٧٧، وزاد المعاد٣/١١٨، والطب النبوي ١٠٨.
(٣) الماتح: المستقي مِنْ أعلى البئر. انظر: لسان العرب ٢/٤٥٣.
(٤) في (ه): ((معقد)).