قال مقاتل بن حيان(١): نزلت الآية في الأغنياء، وذلك أنهم كانوا يأتون النبيَّ - ﷺ - فيكثرون مناجاته ويغلبون الفقراء على المجالس، حتى كره رسول الله - ﷺ - ذلك من طول جلوسهم ومناجاتهم، فأنزل الله تعالى هذه الآية، وأمر بالصدقة عند المناجاة، فأما أهل العُسْرَة فلم يجدوا شيئاً، وأما أهل الميسرة فَبَخلُوا، واشتد ذَلِكَ على أصحاب النبيِّ - ﷺ - فَنَزَلت الرخصة.
وقال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: إن في كتاب الله لآيةً ما عَمِلَ بها أحدٌ قبلي، ولا يَعملُ بها أحدٌ بعدي ﴿ يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا إِذا ناجَيتُمُ الرَسولَ ﴾ [المجادلة: ١٢] كان لي دينارٌ فبعته بدراهم وكنت إذا ناجيت الرسول تصدقت بدرهم حتى نفد، فَنُسِخَتْ(٢) بالآية الأخرى :﴿ ءأَشفَقتُم أَن تُقَدِّموا بَينَ يَدَي نَجواكُم صَدَقاتٍ … الآية ﴾ (٣) [المجادلة: ١٣].
(٢) في تفسير البغوي ٥/٤٩ :(( ونسخ الصدقة. قَالَ مقاتل بن حيان: كَانَ ذَلِكَ عشر ليال ثم نسخ، قَالَ الكلبي: ما كانت إلا ساعة مِنْ نهار)) وقول الكلبي هُوَ قول ابن عَبَّاس كَمَا في القرطبي ٨/٦٤٧٣.
(٣) أخرجه: عَبْد الرزاق في تفسيره٣/٢٩٤(٣١٧٧)، والطبري٢٨/٢٠، والحاكم في المستدرك٢/٤٨١-٤٨٢ وذكره الزمخشري ٤/٧٦، والقرطبي ٨/٦٤٧٢، وابن كثير ٤/٤٨٣، وزاد السيوطي في الدر ٢/٨٤ نسبته لسعيد بن منصور وابن راهويه وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.