قالوا : لَمَّا هاجر جعفر بن أبي طالب وأصحابه إلى الحبشة، واستقرت بهم الدار، وهاجر رسول الله - ﷺ - إلى المدينة، وكان من أمر بدر ما كَانَ، –اجتمعت قريش في دار الندوة وقالوا : إن لنا في أصحاب محمد الذين عند النجاشي ثأراً بمن قُتِل منكم ببدر، فأجمعوا مالاً وأهدوه إلى النجاشي لعله يدفع إليكم مَن عنده من قومكم ؛ ولينتدب لِذَلِكَ رجلان من ذوي آرائكم. فبعثوا عَمْرو بن العاص، وعمارة بن أبي مُعَيْط، مَعَ الهدايا : الأدَم وغير ذَلِكَ (١)، فركبا البحر وأتيا الحبشة، فَلَمَّا دخلا عَلَى النجاشي سجدا لَهُ وسلما عَلَيْهِ وقالا لَهُ : إن قومنا لَكَ ناصحون شاكرون، ولصلاحك محبون ؛ وإنهم بعثونا إليك لنحذِّرَك هَؤُلاَءِ القوم الَّذِيْنَ قدموا عليك ؛ لأنهم قومُ رجلٍ كذابٍ، خرج فينا يزعم أنه رسول الله ولم يتابعه (٢) منا إلا السفهاء، وإنّا (٣) كنا قد ضيقنا عليهم الأمر، وألجأناهم إلى شِعب بأرضنا، لا يدخل عليهم أحدٌ، ولا يخرج منهم أحدٌ، قد قتلهم الجوع والعطش، فلما اشتد عليهم (٤) الأمر بعث إليك ابن عَمه ليفسد عليك دينك ومُلكك ورعيتك، فاحذرهم وادفعهم إلينا لنكفيكهم.
قالوا : وآية ذلك أنهم إذا دخلوا عليك لا يسجدون لك، ولا يحيونك بالتحية التي يحييك بها الناس، رغبةً عن دينك وسنتك.

(١) في ( س ) و ( ه‍) :(( وغيره )).
(٢) في ( س ) و ( ه‍) :(( أحد منا )).
(٣) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه‍).
(٤) في (ب) :(( عَلِيهِ )).


الصفحة التالية
Icon