لأن المعنى أن جميع الآيات بمنزلة آية واحدة فأفرد على المعنى، ويجوز أن يكون أفرد في موضع الجمع على ما ذكرنا في قوله " وعلى سمعهم " ويجوز أن يكون المعنى كل منهن أم الكتاب، كما قال الله تعالى " فاجلدوهم ثمانين " أي فاجلدوا كل واحد منهم (وأخر) معطوف على آيات، و (متشابهات) نعت لأخر.
فإن قيل: واحدة متشابهات متشابهة، وواحدة أخر أخرى، والواحد هنا
لا يصح أن يوصف بهذا الواحد فلا يقال أخرى متشابهة إلا أن يكون بعض الواحدة يشبه بعضا، وليس المعنى على ذلك، وإنما المعنى أن كل آية تشبه آية أخرى فكيف صح وصف هذا الجمع بهذا الجمع، ولم يوصف مفرده بمفرده.
قيل: التشابه لا يكون إلا بين اثنين فصاعدا، فإذا اجتمعت الأشياء المتشابهة كان كل منهما مشابها للآخر، فلما لم يصح التشابه إلا في حالة الاجتماع وصف الجمع بالجمع، لأن كل واحد من مفرداته يشابه باقيها، فأما الواحد فلا يصح فيه هذا المعنى، ونظيره قوله تعالى " فوجد فيها رجلين يقتتلان " فثنى الضمير وإن كان لا يقال في الواحد يقتتل (ما تشابه منه) ما بمعنى الذى، ومنه حال من ضمير الفاعل: والهاء تعود على الكتاب (ابتغاء) مفعول له، والتأويل مصدر أول يؤول، وأصله من آل يئول إذا انتهى نهايته، و (الراسخون) معطوف على اسم الله، والمعنى أنهم يعلمون تأويله أيضا، و (يقولون) في موضع نصب على الحال وقيل الراسخون مبتدأ، ويقولون الخبر، والمعنى: أن الراسخين لا يعلمون تأويله بل يؤمنون به (كل) مبتدأ: أي كله أو كل منه، و (من عند) الخبر وموضع آمنا وكل من عند ربنا نصب بيقولون.
قوله تعالى (لا تزغ قلوبنا) الجمهور على ضم التاء ونصب القلوب، يقال: زاغ القلب وأزاغه الله، وقرئ بفتح التاء ورفع القلوب على نسبة الفعل إليها، و (إذ هديتنا) ليس بظرف لأنه أضيف إليه بعد (من لدنك) لدن مبنية على السكون، وهى مضافة لأن علة بنائها موجودة بعد الإضافة، والحكم يتبع العلة، وتلك العلة أن لدن بمعنى عند الملاصقة للشئ، فعند إذا ذكرت لم تختص بالمقارنة، ولدن عند مخصوص فقد صار فيها معنى لا يدل عليه الظرف بل هو من قبيل ما يفيده الحرف، فصارت كأنها متضمنة للحرف الذى كان ينبغى أن يوضع دليلا على القرب ومثله ثم وهنا لأنهما بنيا لما تضمنا حرف الإشارة.
وفيها لغات هذه إحداها، وهى
فتح اللام وضم الدال وسكون النون.
والثانية كذلك إلا أن الدال ساكنة، وذلك