قوله تعالى (فنادته) الجمهور على إثبات تاء التأنيث، لأن الملائكة جماعة، وكره (١) قوم التاء لأنها للتأنيث، وقد زعمت الجاهلية أن الملائكة إناث فلذلك قرأ من قرأ فناداه بغير تاء والقراءة به جيدة، لأن الملائكة جمع ومااعتلوا به ليس بشئ، لأن الإجماع على إثبات التاء في قوله " وإذ قالت الملائكة يا مريم " (وهو قائم) حال من الهاء في نادته (يصلى) حال من الضمير في قائم، ويجوز أن يكون في موضع رفع صفة لقائم (إن الله) يقرأ بفتح الهمزة: أي بأن الله، وبكسرها: أي قالت إن الله لأن النداء قول (يبشرك) الجمهور على التشديد، ويقرأ بفتح الياء وضم الشين مخففا، وبضم الياء وكسر الشين مخففا أيضا، يقال بشرته وبشرته وأبشرته.
ومنه قوله " وأبشروا بالجنة " (يحيى) اسم أعجمى، وقيل سمى بالفعل الذى ماضيه حيى (مصدقا) حال منه (وسيدا وحصورا ونبيا) كذلك.
قوله تعالى (غلاما) اسم يكون ولى خبره، ويجوز أن يكون فاعل يكون على أنها تامة فيكون لى متعلقا بها أو حالا من غلام أي أنى يحدث غلام لى ؟ وأنى بمعنى كيف أو من أين (بلغني الكبر) وفى موضع آخر " بلغت من الكبر " والمعنى واحد لأن ما بلغك فقد بلغته (عاقر) أي ذات عقر فهو على النسب وهو في المعنى مفعول أي معقورة ولذلك لم يلحق تاء التأنيث (كذلك) في موضع نصب: أي يفعل ما يشاء فعلا كذلك.
قوله تعالى (اجعل لى آية) أي صير لى، فآية مفعول أول ولى مفعول ثان (آيتك) مبتدأ، و (ألا تكلم) خبره، وإن كان قد قرئ تكلم بالرفع فهو جائز على تقدير: إنك لاتكلم كقوله " ألا يرجع إليهم قولا " (إلا رمزا) استثناء من غير الجنس، لأن الإشارة ليست كلاما، والجمهور على فتح الراء وإسكان الميم وهو مصدر رمز ويقرأ بضمها وهو جمع رمزة بضمتين وأقر ذلك في الجمع، ويجوز أن يكون مسكن الميم في الأصل، وإنما أتبع الضم الضم، ويجوز أن يكون مصدرا غير جمع، وضم إتباعا كاليسر واليسر (كثيرا) أي ذكرا كثيرا، و (العشى) مفرد وقيل جمع عشية (والإبكار) مصدر، والتقدير: ووقت الإبكار، يقال أبكر إذا دخل في البكرة.
قوله تعالى (وإذ قالت) تقديره، واذكر إذ قالت: وإن شئت كان معطوفا على " إذ قالت امرأة عمران " والأصل في اصطفى اصتفى ثم أبدلت التاء طاء لتوافق الصاد في الإطباق، وكرر اصطفى إما توكيدا وإما ليبين من اصطفاها عليهم.

(١) القراءتان جيدتان صحيحتان فلا عبرة بكراهة قوم لحوق تاء التأنيث في قوله (فنادته) اه مصحح.
(*)


الصفحة التالية
Icon