البرهان والدليل (يقضى الحق) يقرأ بالضاد من القضاء، وبالصاد من القصص، والأول أشبه بخاتمة الآية.
قوله تعالى (مفاتح) هو جمع مفتح، والمفتح الخزانة، فأما ما يفتح به فهو مفتاح وجمعه مفاتيح، وقد قيل مفتح أيضا (لا يعلمها) حال من مفاتح، والعامل فيها ما تعلق به الظرف، أو نفس الظرف إن رفعت به مفاتح، و (من ورقة) فاعل (ولاحبة) معطوف على لفظ ورقة، ولو رفع على الموضع جاز (ولارطب ولا يابس) مثله، وقد قرئ بالرفع على الموضع (إلا في كتاب) أي إلا هو في كتاب، ولايجوز أن يكون استثناء يعمل فيه (يعلمها) لأن المعنى يصير: وما تسقط من ورقة إلا يعلمها إلا في كتاب فينقلب معناه (١) إلى الاثبات: أي لا يعلمها في كتاب، وإذا لم يكن إلا في كتاب وجب أن يعلمها في الكتاب، فإذا يكون الاستثناء الثاني بدلا من الأول: أي وما تسقط من ورقة إلا هي في كتاب ومايعلمها.
قوله تعالى (بالليل) الباء هنا بمعنى في، وجاز ذلك لأن الباء للالصاق، والملاصق للزمان والمكان حاصل فيهما (ليقضى أجل) على ما لم يسم فاعله، ويقرأ على تسمية الفاعل، وأجلا نصب.
قوله تعالى (ويرسل عليكم) يحتمل أربعة أوجه: أحدها أن يكون مستأنفا، والثانى أن يكون معطوفا على قوله يتوفاكم، ومابعده من الأفعال المضارعة.
والثالث أن
يكون معطوفا على القاهر، لأن اسم الفاعل في معنى يفعل، وهو نظير قولهم الطائر فيغضب زيد الذباب.
والرابع أن يكون التقدير وهو يرسل، وتكون الجملة حالا إما من الضمير في القاهر، أو من الضمير في الظرف.
وعليكم فيه وجهان: أحدهما هو متعلق بيرسل، والثانى أن يكون في نية التأخير.
وفيه وجهان: أحدهما أن يتعلق بنفس (حفظة) والمفعول محذوف: أي يرسل من يحفظ عليكم أعمالكم.
والثانى أن يكون صفة لحفظة قدمت فصار حالا (توفته) يقرأ بالتاء على تأنيث الجماعة، وبألف ممالة على إرادة الجمع، ويقرأ شاذا " تتوفاه " على الاستقبال (يفرطون) بالتشديد: أي ينقصون مما أمروا، ويقرأ شاذا بالتخفيف: أي يزيدون على ما أمروا، قوله تعالى (ثم ردوا) الجمهور على ضم الراء وكسرة الدال الأولى محذوفة ليصلح الإدغام، ويقرأ بكسر الراء على نقل كسرة الدال الأولى إلى الراء (مولاهم الحق) صفتان، وقرئ الحق بالنصب على أنه صفة مصدر محذوف: أي الرد الحق أو على إضمار أعنى.

(١) (قوله فينقلب معناه إلخ) كذا في جميع النسخ التى بأيدينا، ولا يخفى ما فيه، فليتأمل اه.
(*)


الصفحة التالية
Icon