قوله تعالى (كتب عليكم الصيام) المفعول القائم مقام الفاعل، وفى موضع الكاف أربعة أوجه: أحدها هي في موضع نصب صفة للكتب: أي كتبا كما كتب فما على هذا الوجه مصدرية.
والثانى أنه صفة الصوم: أي صوما مثل ماكتب، فما على هذا بمعنى الذى: أي صوما مماثلا للصوم المكتوب على من قبلكم، وصوم هنا مصدر مؤكد في المعنى، لأن الصيام بمعنى أن تصوموا صوما.
والثالث أن تكون الكاف في موضع حال من الصيام: أي مشبها للذى كتب على من قبلكم.
والرابع أن يكون في موضع رفع صفة للصيام.
فإن قيل: الجار والمجرور نكرة، والصيام معرفة، والنكرة لا تكون صفة للمعرفة.
قيل: لما لم يرد بالصيام صياما معينا كان كالمنكر، وقد ذكرنا نحو ذلك في الفاتحة، ويقوى ذلك أن الصيام مصدر، والمصدر جنس، وتعريف الجنس قريب من تنكيره.
قوله تعالى (أياما معدودات) لا يجوز أن ينتصب بمصدر كتب الأولى، لا على الظرف ولا على أنه مفعول به على السعة لأن الكاف في كما وصف لمصدر محذوف، والمصدر إذا وصف لم يعمل، وكذلك اسم الفاعل، ولا يجوز أن ينتصب بالصيام المذكور في الآية، لأنه مصدر، وقد فرق بينه وبين أيام بقوله " كما كتب "، ويعمل فيه المصدر كالصلة، ولا يفرق بين الصلة والموصول بأجنبى، وإن جعلت صفة الصيام لم يجز أيضا، لأن المصدر إذا وصف لا يعمل.
والوجه أن يكون العامل في أيام محذوفا تقديره: صوموا أياما، فعلى هذا يكون أياما ظرفا، لأن الظرف يعمل فيه المعنى، ويجوز أن ينتصب أياما بكتب، لأن الصيام مرفوع به وكما إما مصدر لكتب أو نعت للصيام، وكلاهما لا يمنع عمل الفعل، وعلى هذا يجوز أن يكون ظرفا ومفعولا
به على السعة.
قوله تعالى (أو على سفر) في موضع نصب معطوفا على خبر كان تقديره: أو كان مسافرا، وإنما دخلت على هاهنا لأن المسافر عازم على إتمام سفره، فينبغي أن يكون التقدير: أو كان عازما على إتمام سفر، وسفر هنا نكرة يراد به سفر معين، وهو السفر إلى المسافة المقدرة في الشرع (فعدة) مبتدأ، والخبر محذوف: أي فعليه عدة، وفيه حذف مضاف: أي صوم عدة، ولو قرئ بالنصب لكان مستقيما، ويكون التقدير: فليصم عدة، وفي الكلام حذف تقديره: فأفطر فعليه: