(لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ
: ٢٤- ٦٢). فَجَعَلَ دَلِيلَ ابْتِدَاءِ الْإِيمَانِ- الَّذِي مَا سِوَاهُ تَبَعٌ لَهُ- الْإِيمَانَ بِاَللَّهِ ثُمَّ بِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَلَوْ آمَنَ بِهِ عَبْدٌ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ اسْمُ كَمَالِ الْإِيمَانِ أَبَدًا، حَتَّى يُؤْمِنَ بِرَسُولِهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مَعَهُ».
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: «وَفَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى النَّاسِ اتِّبَاعَ وَحْيِهِ وَسُنَنَ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ فِي كِتَابِهِ: (رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ: ٢- ١٢٩). وَقَالَ تَعَالَى: (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ: ٣- ١٦٤)، وَقَالَ تَعَالَى: (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ: ٣٣- ٣٤) ». وَذَكَرَ غَيْرَهَا مِنْ الْآيَاتِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي مَعْنَاهَا. قَالَ: «فَذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْكِتَابَ، وَهُوَ الْقُرْآنُ وَذَكَرَ الْحِكْمَةَ، فَسَمِعْتُ مَنْ أَرْضَى مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ يَقُولُ: الْحِكْمَةُ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَهَذَا يُشْبِهُ مَا قَالَ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) بِأَنَّ الْقُرْآنَ ذُكِرَ وَأَتْبَعَتْهُ الْحِكْمَةُ وَذَكَرَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) مِنَّتَهُ عَلَى خَلْقِهِ بِتَعْلِيمِهِمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ. فَلَمْ يَجُزْ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) أَنْ تعد الْحِكْمَة هَاهُنَا إلَّا سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ أَنَّهَا مَقْرُونَةٌ مَعَ كِتَابِ اللَّهِ، وَأَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ طَاعَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَتَّمَ عَلَى النَّاسِ اتِّبَاعَ أَمْرِهِ.
فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِقَوْلٍ: فَرْضٌ إلَّا لِكِتَابِ اللَّهِ، ثُمَّ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله