فَمن أُولَئِكَ الْأَئِمَّة الْكِرَام، الإِمَام الْأَكْبَر، والمجتهد الْأَعْظَم، مُحَمَّد بن إِدْرِيس الشَّافِعِي ابْن عَم رَسُول الله- صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم- الَّذِي يلتقى مَعَه فى عبد منَاف.
فاستخرج من الْقُرْآن الْكَرِيم، والْحَدِيث النَّبَوِيّ الشريف، أَدِلَّة أَحْكَام مذْهبه رضى الله تَعَالَى عَنهُ وبوأه الْمَكَان اللَّائِق بِهِ فى أَعلَى الْجنان.
هَذَا وإنى أثْنَاء انكبابى على مُرَاجعَة «تَرْتِيب» مُسْند هَذَا الإِمَام الْجَلِيل، واشتغالي بنشره، عثرت على كتاب عَظِيم الْقدر، جم الْفَائِدَة، غزير الْمَادَّة، درة نفيسة من الدُّرَر العلمية، أَلا وَهُوَ «أَحْكَام الْقُرْآن» للامام للشافعى رضى الله عَنهُ. جمعه فَخر رجال السّنة الإِمَام الْبَيْهَقِيّ، فاعتزمت نشره، وضمه إِلَى مجموعتنا من الْكتب النادرة مستعينا بِاللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَذَلِكَ بالرغم مِمَّا هى عَلَيْهِ حَالَة سوق الْوَرق من الأزمة وارتفاع الأسعار، فراجعت نسختى على نُسْخَة مخطوطة مَحْفُوظَة بدار الْكتب الملكية المصرية بِالْقَاهِرَةِ تَحت رقم ٧١٥ مجاميع طلعت وَكَانَ فضل العثور على هَذِه النُّسْخَة الْقيمَة النادرة لحضرة الْأَخ الأديب البحاثة الْفَاضِل الْأُسْتَاذ فؤاد أفندى السَّيِّد الموظف بقسم الفهارس الْعَرَبيَّة بدار الْكتب الملكية المصرية فجزاه الله عَن الْعلم وَأَهله خير الْجَزَاء. ثمَّ بعد إتمامى مُرَاجعَة النُّسْخَة الْمَذْكُورَة دفعتها إِلَى أستاذنا وملاذنا مَوْلَانَا الْعَلامَة الْقَدِير، والمحدّث الْكَبِير، بَقِيَّة السّلف الصَّالح، شيخ شُيُوخ هَذَا الْعَصْر بِلَا مُنَازع، صَاحب الْفَضِيلَة الشَّيْخ مُحَمَّد زاهد ابْن الْحسن الكوثرى وَكيل المشيخة الإسلامية فى الْخلَافَة العثمانية سَابِقًا، ونزيل الْقَاهِرَة الْآن، ليتكرم وَينظر فِيهَا بِقدر مَا تسمح لَهُ صِحَّته الغالية فأجابنى- حفظه الله- إِلَى مطلبى، وَنظر فِيهَا بِقدر مَا سمحت لَهُ صِحَّته، وَكتب لَهَا تقدمة علمية نفيسة فجزاه الله عَن الْعلم وخدامه خير الْجَزَاء، وأدام عَلَيْهِ نعْمَة الصِّحَّة والعافية، ثمَّ استعنت على مراجعتهما أَيْضا بِحَضْرَة صَاحب الْفَضِيلَة خَادِم السّنة الشَّرِيفَة الشَّيْخ عبد الْغنى عبد الْخَالِق من عُلَمَاء الْأَزْهَر، والمدرس بكلية الشَّرِيعَة بالأزهر الشريف، فَنظر فِيهَا فضيلته وأولاها عنايته، فَأَصْبَحت وَللَّه الْحَمد إِن لم تكن بَالِغَة غَايَة الْكَمَال فهى مصححة التَّصْحِيح التَّام.
هَذَا وَمِمَّا زادنى تشجيعا على طبعها ونشرها مَعَ غَيرهَا من الْكتب النادرة هُوَ مَا تَلقاهُ مطبوعاتنا من الْعِنَايَة الفائقة من رجال الْعلم والبحث ومحبى الإطلاع على


الصفحة التالية
Icon