مَا أَمَرَ بِهِ «١» وَشَبَّهَهُ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ: ٢- ١٥٨). فَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّفَا، وَقَالَ «نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ». قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: «وَذَكَرَ اللَّهُ الْيَدَيْنِ مَعًا وَالرِّجْلَيْنِ مَعًا، فَأُحِبُّ أَنْ يَبْدَأَ بِالْيُمْنَى وَإِنْ بَدَأَ بِالْيُسْرَى فَقَدْ أَسَاءَ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ.
وَفِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: «فَكَانَ ظَاهِرُ الْآيَةِ أَنَّ مَنْ قَامَ إلَى الصَّلَاةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَكَانَتْ مُحْتَمِلَةً أَنْ تَكُونَ نَزَلَتْ فِي خَاصٍّ. فَسَمِعْتُ بَعْضَ مَنْ أَرْضَى عِلْمَهُ بِالْقُرْآنِ، يَزْعُمُ: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْقَائِمِينَ مِنْ النَّوْمِ وَأَحْسَبُ مَا قَالَ كَمَا قَالَ. لِأَنَّ [فِي] السُّنَّةِ دَلِيلًا عَلَى أَنْ يَتَوَضَّأَ مَنْ قَامَ مِنْ نَوْمِهِ «٢»
. قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: فَكَانَ الْوُضُوءُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ- بِدَلَالَةِ السُّنَّةِ- عَلَى مَنْ لَمْ يُحْدِثْ غَائِطًا وَلَا بَوْلًا دُونَ مَنْ أَحْدَثَ غَائِطًا أَوْ بَوْلًا. لِأَنَّهُمَا نَجَسَانِ يَمَاسَّانِ بَعْضَ الْبَدَنِ. يَعْنِي فَيَكُونُ عَلَيْهِ الِاسْتِنْجَاءُ «٣» فَيَسْتَنْجِي بِالْحِجَارَةِ أَوْ الْمَاءِ قَالَ وَلَوْ جَمَعَهُ رَجُلٌ ثُمَّ غَسَلَ بِالْمَاءِ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ. وَيُقَالُ إنَّ قَوْمًا مِنْ الْأَنْصَارِ اسْتَنْجَوْا بِالْمَاءِ فَنَزَلَتْ فِيهِمْ:
(فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ: ٩- ١٠٨) قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَمَعْقُولٌ- إذْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْغَائِطَ فِي آيَةِ الْوُضُوءِ أَنَّ الْغَائِطَ. التَّخَلِّي فَمَنْ تَخَلَّى وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ». ثُمَّ ذَكَرَ الْحُجَّةَ مِنْ غَيْرِ الْكِتَابِ، فِي إيجَابِ الْوُضُوءِ بِالرِّيحِ، وَالْبَوْلِ، وَالْمَذْيِ، وَالْوَدْيِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ سَبِيلِ الْحَدَثِ «٤»

(١) فى الأَصْل المتوضئين. وَمَا أَثْبَتْنَاهُ عبارَة الام. وَهُوَ اظهر
(٢) انْظُر الام (ج ١ ص ١٠- ١١).
(٣) انْظُر الام (ج ١ ص ١٨)
(٤) انْظُر الام (ج ١ ص ١٣- ١٧).


الصفحة التالية
Icon