فَنَقُول: إِن هَذَا لَا ضَرُورَة لَهُ وَذَاكَ مِمَّا يتَسَامَح فِيهِ. على أَن لنا فى زِيَادَة مَا زِدْنَا، وَترك مَا تركنَا-: من الْأَعْذَار الْبَيِّنَة العديدة، والأسناد القوية السديدة.- مَا سندلى بِهِ ونشرحه: عِنْد الْحَاجة الملحة، والضرورة الملجئة إِن شَاءَ الله.
ويكفى الْآن، أَن نقُول- فى صَرَاحَة تَامَّة-: إِن هَذَا أول عمل، من نَوعه، قمنا بِهِ فَلم يسْبق لنا تَصْحِيح كتاب غَيره.
ولسنا (وَللَّه الْحَمد) من الْجَهْل والغرور: بِحَيْثُ نتوهم: أَنه عمل كَامِل من كل نَاحيَة، أَو خَال عَن الأخطاء العلمية. فالكمال: لله وَحده، وَمن طلبه: فقد طلب أمرا: بَعيدا تنَاوله بل: مستحيلا تحَققه.
وَلَكنَّا (وَللَّه الْفضل) نقُول- فى وثوق واطمئنان-: إِنَّه لَيْسَ فى الْإِمْكَان، أبدع مِمَّا كَانَ، وَإِن أحدا- مهما قويت عقليته، واتسعت ثقافته- لَا يَسْتَطِيع فى تِلْكَ الْمدَّة الوجيزة، (دع: الْأَحْوَال الدقيقة، والأعمال الْأُخْرَى الْكَثِيرَة) : أَن يتَحَقَّق خيرا مِنْهُ فى جملَته وَأَن يقوم بِأَكْثَرَ مِمَّا قمنا بِهِ: من مُرَاجعَة نَصه مُرَاجعَة دقيقة، والبحث عَن مَكَانَهُ فى المظان الضخمة الْمُخْتَلفَة، ثمَّ بَيَان أوجه الِاخْتِلَاف فِيهِ، وَتَصْحِيح أخطائه، وتكميل النَّاقِص مِنْهُ، ثمَّ النّظر فى أهم المراجع الْمُعْتَمدَة: الَّتِي انتفعت بِعلم الشَّافِعِي وتأثرت بِهِ، أَو اهتمت بالبحث عَنهُ، وتعرضت لنقده، ثمَّ الإحالة على الْمَوَاضِع: الَّتِي تعين على فهم عباراته، وَإِدْرَاك إشاراته ثمَّ إعداد صُورَة لطبعه، وَالنَّظَر فى تجاربه، ثمَّ عمل مُلْحق بَين بعض الأخطاء الَّتِي وَقعت، والتنبيهات الَّتِي فَاتَت.
وَبِالْجُمْلَةِ: فَهُوَ عمل لَا يقدر خطورته، وَلَا يدْرك صعوبته إِلَّا امْرُؤ: قدر لَهُ أَن يزاول مثله، وَيقدم- فى رَغْبَة واخلاص- على تأديته.
وَإِنَّا نسْأَل الله «الَّذِي ألهم بإنشائه، وأعان على إنهائه» : أَن يكْتب الْقبُول لَهُ، ويحقق النَّفْع بِهِ. إِنَّه مُجيب الدُّعَاء، ومحقق الرَّجَاء؟
الْقَاهِرَة- ميدان السيدة نفيسة رضى الله عَنْهَا عبد الْغنى عبد الْخَالِق فى يَوْم الْأَرْبَعَاء غرَّة ذى الْقعدَة سنة ١٣٧١ هـ ٢٣ من يولية سنة ١٩٥٢ م