النوع الثاني :- التقييد بالإضافة والأسماء فيه تفيد المدح والثناء على الله بذكر المضاف إليه كما في اسمه الشديد حيث أضافه للعقاب والمحال، فهو جل جلاله شديد العقاب والمحال، ومثله أهل التقوى والمغفرة وجامع الناس وبديع السماوات ونورها وفاطرها وقيمها... إلخ، وخير الحافظين والحاكمين والراحمين... وكذلك ذو المضافة إلى وصف من أوصاف الله أو خلق من خلقه كذي الجلال والإكرام وذي الجبروت وذي العرش وذي المعارج.... إلخ، وكذلك أيضا الزارع في قوله تعالى :﴿ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ ﴾ (الواقعة: ٦٤) فلا يقال زارع إلا لما يحرثون لأن ما نبت في الغابات من غير حرث لا يقال عنه زراعة، وكذلك يقاس الماهد والمنزل والمنشيء والموسع.... إلخ.
النوع الثالث :- التقييد بموضع الكمال عند انقسام المعنى المجرد عن الإضافة، والأصل في ذلك ما ذكره ابن القيم رحمه الله في كتابه (طريق الهجرتين١/٤٨٦) حيث بين أنه سبحانه أخبر عن نفسه بأفعال مختصة مقيدة ؛ فلا يجوز أن ينسب إليه مسمى الاسم عند الإطلاق، كما أن مسمى هذه الأسماء منقسم إلى ما يمدح عليه المسمى به وإلى ما يذم ؛ فيحسن في موضع ويقبح في موضع، فيمتنع إطلاقه عليه سبحانه من غير تفصيل أو تقييد، كما أن من أطلق هذه الأسماء على الله دون تقييد لو سمي هو بهذه الأسماء، وقيل له : هذه مدحتك وثناء عليك فأنت الماكر الفاتن المخادع المضل اللاعن الفاعل الصانع ونحوها لما كان يرضى بإطلاق هذه الأسماء عليه ويعدها مدحة، ولله المثل الأعلى كيف يرضاها على ربه سبحانه وتعالى. فلا بد في تلك الأسماء أن تكون مقيدة بموضع الكمال.
وقد أظهر البحث الحاسوبي في ثبوت الأسماء المقيدة معنى جديدا للحديث وإشارة نبوية عظيمة تذكر والله أعلم لأول مرة ـ ويعلم الله أن الأمر مفاجئ لي كما هو الحال لدى القارئ ـ وكأن رسول الله ﷺ يبين لأمته أن المطلق من أسماء الله في الكتاب والسنة عدده ٩٩ اسما، وأن المقيد منها ٩٩ اسما أيضا، كلها تضاف إلى لفظ الجلالة، لاسيما أن العدد (تسعة وتسعين) ذكر في نص الحديث بطريقتين مختلفتين، طريقة مطلقة في قوله ﷺ :(إِنَّ لله تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمَا)، وطريقة مقيدة في قوله ﷺ :(مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا) حيث ذكر لفظ المائة ثم قيده بالاستثناء.
ومن ثم فإن الله جل جلاله تعرف إلينا في الكتاب والسنة بجملة من أسمائه الكلية عددها تسعة وتسعون ٩٩ اسما مطلقا، وكذلك تسعة وتسعون (١٠٠-١= ٩٩) اسما مقيدا، فيكون المجموع مع لفظ الجلالة ١٩٩ اسما وردت جميعها في نصوص الكتاب وصحيح السنة... وصدق رسول الله ﷺ الذي وصفه ربه بقوله :(وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى) (النجم: ٤).
وهذا أوان سرد الأسماء المقيدة (المائة إلا واحدا) بأدلتها من الكتاب وصحيح السنة مع ذكر وجه التقييد فيما خفي منها، وهي مرتبة ترتيبا اجتهاديا بدأنا فيه بالقرآن ثم عقبنا بما ورد في السنة على النحو التالي :
١. الله جل جلاله أحسن الخالقين. ﴿ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الخَالِقِينَ﴾ (المؤمنون: ١).
٢. الله جل جلاله أحكم الحاكمين. ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الحَاكِمِينَ ﴾ (التين: ٨).
٣. الله جل جلاله أرحم الراحمين. ﴿ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ (يوسف: ٩٢).
٤. الله جل جلاله أسرع الحاسبين. ﴿ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ ﴾ (الأنعام: ٦٢).
٥. الله جل جلاله أقرب إلينا من حبل الوريد. ﴿ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ ﴾ (قّ: ١٦).
٦. الله جل جلاله أهل التقوى والمغفرة. ﴿ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ِ﴾ (المدثر: ٥٦).
٧. الله جل جلاله بالغ أمره. ﴿ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِه ِ﴾ (الطلاق: ٣).
٨. الله جل جلاله بديع السماوات. ﴿ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾ (البقرة: ١١٧).
٩. الله جل جلاله جامع الناس. ﴿ رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ ﴾ (آل عمران: ٩).
١٠. الله جل جلاله حاسب موازيننا. ﴿وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾ (الأنبياء: ٤٧).
١١. الله جل جلاله حفي بإبراهيم. ﴿ إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً ﴾ (مريم: ٤٧).
١٢. الله جل جلاله خادع المنافقين. ﴿ إِنَّ المُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ ﴾ (النساء: ١٤٢).
١٣. الله جل جلاله خير الحافظين. ﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً ﴾ (يوسف: ٦٤).
١٤. الله جل جلاله خير الحاكمين. ﴿ وَهُوَ خَيْرُ الحَاكِمِينَ ﴾ (يوسف: ٨٠).
١٥. الله جل جلاله خير الراحمين. ﴿ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ﴾ (المؤمنون: ١١٨).
١٦. الله جل جلاله خير الرازقين. ﴿ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ (الجمعة: ١١).
١٧. الله جل جلاله خير الغافرين. ﴿ وَأَنْتَ خَيْرُ الغَافِرِينَ ﴾ (الأعراف: ١٥٥).
١٨. الله جل جلاله خير الفاتحين. ﴿ وَأَنْتَ خَيْرُ الفَاتِحِينَ ﴾ (الأعراف: ٨٩).
١٩. الله جل جلاله خير الفاصلين. ﴿ وَهُوَ خَيْرُ الفَاصِلِينَ ﴾ (الأنعام: ٥٧).