خاتمة سورة الفاتحة هي مناسبة لكل ما ورد في السورة من أولها إلى آخرها فمن لم يحمد الله تعالى فهو مغضوب عليه وضال ومن لم يؤمن بيوم الدين وأن الله سبحانه وتعالى مالك يوم الدين وملكه ومن لم يخص الله تعالى بالعبادة والاستعانة ومن لم يهتد إلى الصراط المستقيم فهم جميعاً مغضوب عليهم وضالون.
ولقد تضمنت السورة الإيمان والعمل الصالح، الإيمان بالله (الحمد لله رب العالمين) واليوم الآخر (مالك يوم الدين) والملائكة والرسل والكتب (اهدنا الصراط المستقيم) لما تقتضيه من إرسال الرسل والكتب. وقد جمعت هذه السورة توحيد الربوبية (رب العالمين) وتوحيد الألوهية (إياك نعبد وإياك نستعين) ولذا فهي حقاً أم الكتاب.
٣) يقول الدكتور أحمد الكبيسي في كلمة الصراط وأخواتها في القرآن الكريم في برنامجه الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم على قناة دبي الفضائية في شرح كلمة الصراط وأخواتها في القرآن الكريم وكيف أن كل كلمة منها وردت في القرآن في مكانها المناسب والمعنى الذي تأتي به كل كلمة لا يمكن أن يكون إلا من عند العلي العظيم الذي وضع كل كلمة بميزانها وبمكانها الذي لا يمكن لكلمة أخرى أن تأتي بنفس معناها:
مرادفات كلمة الطريق تأتي على النحو التالي: إمام – صراط – طريق - سبيل – نهج – فج - جدد (جمع جادة) – نفق
وجاء معنى كل منها العام على النحو التالي:
إمام: وهو الطريق العام الرئيسي الدولي الذي يربط بين الدول وليس له مثيل وتتميز أحكامه في الإسلام بتميز تخومه. وقدسية علامات المرور فيه هي من أهم صفاته وهو بتعبيرنا الحاضر الطريق السريع بين المدن (Highway). وقد استعير هذا اللفظ في القرآن الكريم ليدل على الشرائع (يوم ندعو كل أناس بإمامهم) (الإسراء آية ٧١ ) أي كل ما عندهم من شرائع وجاء أيضا بمعنى كتاب الله (وكل شئ أحصيناه في إمام مبين) (يس آية ١٢)
صراط: هو كل ممر بين نقطتين متناقضتين كضفتي نهر أو قمتي جبلين أو الحق والباطل والضلالة والهداية في الإسلام أو الكفر والإيمان. والصراط واحد لا يتكرر في مكان واحد ولا يثنى ولا يجمع. وقد استعير في القرآن الكريم للتوحيد فلا إله إلا الله تنقل من الكفر إلى الإيمان (قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم) ( الأنعام آية ١٦١) (من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم) ( الأنعام آية ٣٩) (اهدنا الصراط المستقيم) (الفاتحة آية ٧) (فاتبعني أهدك صراطا سويا) (مريم آية ٤٣ ) (وان الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون) (المؤمنون آية ٧٤ )
والصراط عموما هو العدل المطلق لله تعالى وما عداه فهو نسبي. (إن ربي على صراط مستقيم) ( هود آية ٥٦ ) والتوحيد هو العدل المطلق وما عداه فهو نسبي.
سبيل: الطريق الذي يأتي بعد الصراط وهو ممتد طويل آمن سهل لكنه متعدد (سبل جمع سبيل) (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) ( العنكبوت آية ٦٩ )السبل متعددة ولكن شرطها أن تبدأ من نقطة واحدة وتصب في نقطة واحدة عند الهدف. وفيه عناصر ثلاث: ممتد، متحرك ويأخذ إلى غاية.
و المذاهب في الإسلام من السبل كلها تنطلق من نقطة واحدة وتصل إلى غاية واحدة. وسبل السلام تأتي بعد الإيمان والتوحيد بعد عبور الصراط المستقيم. ولتقريب الصورة إلى الأذهان فيمكن اعتبار السبل في عصرنا الحاضر وسائل النقل المتعددة فقد ينطلق الكثيرون من نقطة واحدة قاصدين غاية واحدة لكن منهم من يستقل الطائرة ومنهم السيارة ومنهم الدراجة ومنهم الدواب وغيرها.
واستخدمت كلمة السبيل في القرآن بمعنى حقوق في قوله (ليس علينا في الأميين سبيل) (آل عمران آية ٧٥ ) وابن السبيل في القرآن هو من انقطع عن أهله انقطاعا بعيدا وهدفه واضح ومشروع كالمسافر في تجارة أو للدعوة فلا تعطى الزكاة لمن انقطع عن أهله بسبب غير مشروع كالخارج في معصية أو ما شابه.
طريق: الطريق يكون داخل المدينة وللطرق حقوق خاصة بها وقد سميت طرقا لأنها تطرق كثيرا بالذهاب والإياب المتكرر من البيت إلى العمل والعكس. والطريق هي العبادات التي نفعلها بشكل دائم كالصلاة والزكاة والصوم والحج والذكر. (يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم) (الأحقاف آية ٣٠)
نهج: وهو عبارة عن ممرات خاصة لا يمر بها إلا مجموعة خاصة من الناس وهي كالعبادات التي يختص بها قوم دون قوم مثل نهج القائمين بالليل ونهج المجاهدين في سبيل الله ونهج المحسنين وأولي الألباب وعباد الرحمن فكل منهم يعبد الله تعالى بمنهج معين وعلى كل مسلم أن يتخذ لنفسه نهجا معينا خاصا به يعرف به عند الله تعالى كبر الوالدين والذكر والجهاد والدعاء والقرآن والإحسان وغيرها (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) ( المائدة آية ٤٨ ) وإذا لاحظنا وصفها في القرآن وجدنا لها ثلاثة صفات والإنفاق فيها صفة مشتركة.
١- نهج المستغفرين بالأسحار: (كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون وفي أموالهم حق للسائل والمحروم) ( الذاريات آية ١٧ - ١٩ )
٢- ونهج أهل التهجد: (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون) (السجدة آية ١٦)


الصفحة التالية
Icon