سبب نزول الآية هو الذي يحدد. سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلمعن ثلاثة أسئلة من قبل الكفار منها عن أهل الكهف فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: سأجيبكم غداً لأنه لم يكن لديه علم وجاء غد ولم يُجِب الرسول صلى الله عليه وسلمولم ينزل عليه الوحي مدة خمس عشرة ليلة فحصل إرجاف لأن الوحي يتنزّل بحكمة الله تعالى ثم نزلت الآية (وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣))فهي مناسبة لأصل سبب النزول وهذا ينسحب لأنه أحياناً سبب النزول لا يتقيّد بشيء. مثلاً في مسألة (وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٣) (سورة النور)ماذا إذا لم يردن تعففاً؟ الحادثة التي حصلت أن عبد الله بن أبيّ أراد إكراههن وهن يردن التحصّن فذكر المسألة كما هي واقعة ثم تأتي أمور أخرى تبيّن المسألة.
غداً في الآية موضع السؤال لا تعني بالضرورة الغد أي اليوم الذي يلي وإنما (قد) تفيد المستقبل وهي مناسبة لما وقع وما سيقع.
سؤال ١٢ -ما الفرق من الناحية البيانية بين قوله تعالى (شيئاً إمرا) و(شيئاً نُكرا) في سورة الكهف؟
قال تعالى على لسان موسى للرجل الصالح عندما خرق السفينة (فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (٧١))وقال تعالى عندما قتل الرجل الصالح الغلام (فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (٧٤)).
فوصف خرق السفينة بأنه شيء إمر ووصف قتل الغلام بأنه شيء نُكر وذلك أن خرق السفينة ونزع لوح خشب منها دون قتل الغلام شناعة فإنه إنما خرق السفينة لتبقى لمالكيها وهذا لا يبلغ مبلغ قتل الغلام بغير سبب ظاهر. والإمر دون النُكر فوضع التعبير في كل موضع بما يناسب كل فعل. وعن قتادة: النُكر أشدّ من الإمر. فجاء كل على ما يلائم ولم يكن ليحسن مجيء أحد الوصفين في موضع الآخر.
وهذا الاختلاف يدخل في فواصل الآي في القرآن الكريم.
المصدر: منقول عن موقع إسلاميات http://www.islamiyyat.com
=============
لمسات بيانية في آية الكرسي
الدكتور فاضل السامرائي
قال الله تعالى:( اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ )[سورة البقرة].
آية الكرسي هي سيّدة آي القرآن الكريم. بدأت الآية بالتوحيد ونفي الشرك وهو المطلب الأول للعقيدة عن طريق الإخبار عن الله. بدأ الإخبار عن الذات الإلهية ونلاحظ أن كل جملة في هذه الآية تصح أن تكون خبراً للمبتدأ (الله) لأن كل جملة فيها ضمير يعود إلى الله سبحانه وتعالى: الله لا تأخذه سنة ولا نوم، الله له ما في السموات وما في الأرض، الله من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه، الله يعلم مابين أيديهم وما خلفهم، الله لا يحيطون بعلمه إلا بما شاء، الله وسع كرسيّه السموات والأرض، الله لا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم.
- قوله ( اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ):
الحيّ معرّفة والقيّوم معرّفة. والحيّ هو الكامل الاتصاف بالحياة ولم يقل حيّ لأنها تفيد أنه من جملة الأحياء. فالتعريف بـ(ال) هي دلالة على الكمال والقصر لأن ما سواه يصيبه الموت. والتعريف قد يأتي بالكمال والقصر، فالله له الكمال في الحياة وقصراً كل من عداه يجوز عليه الموت وكل ما عداه يجوز عليه الموت وهو الذي يفيض على الخلق بالحياة، فالله هو الحيّ لا حيّ سواه على الحقيقة لآن من سواه يجوز عليه الموت.
القيّوم: من صيغ المبالغة (على وزن فيعال وفيعول من صيغ المبالغة وهي ليست من الأوزان المشهورة) هي صيغة المبالغة من القيام ومن معانيها القائم في تدبير أمر خلقه في إنشائهم وتدبيرهم، ومن معانيها القائم على كل شيء، ومن معانيها الذي لا ينعس ولا ينام لأنه إذا نعس أو نام لا يكون قيّوماً ومن معانيها القائم بذاته وهو القيّوم جاء بصيغة التعريف لأنه لا قيّوم سواه على الأرض حصراً.
- قوله ( لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ ) :


الصفحة التالية
Icon