ب- ويريد أن يبين أن الذي يشرك بالله، لا منبت له ولا جذور، ولا بقاء له ولا استقرار، يمثل لهذا المعنى بصورة سريعة الخطوات عنيفة الحركات: ((وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ)) [الحج: ٣١] هكذا في ومضه يخر من السماء من حيث لا يدري أحد، فلا يستقر على الأرض لحظة أن تخطفه الطير أو أن الرياح تهوي به في مكان سحيق حيث لا يدري أحد كذلك وذلك هو المقصود. [٣٠]
ج- الأداء: إن القرآن الكريم معجز في بنائه التعبيري، وتنسيقه الفني، وأسلوبه في الأداء.
إن تعبير القرآن يستقيم على خصائص واحدة في مستوى واحد، لا يختلف ولا يتفاوت، ولا تختلف خصائصه كما هي الحال في أعمال البشر، ففي كلام البشر تبدو القمم والسفوح.. التوفيق والتعثر.. الإشراق والانطفاء... إلى آخر هذه الظواهر التي تتجلى معها سمات البشر، وخصها سمة التغير والاختلاف المستمر الدائم من حال، إلى حال هذه الظاهرة واضحة كل الوضوح، وعكسها وهو الثبات والتناسق هو الظاهرة الملحوظة في القرآن [٣١].
د- الموسيقى: وحسبك بهذا الاعتبار في إعجاز النظم الموسيقي في القرآن وأنه مما لا يتعلق به أحد ولا ينفق على ذلك الوجه الذي فيه إلا فيه؛ لترتيب حروفه لاعتبار من أصواتها ومخارجها ومناسبة بعض ذلك لبعض مناسبة طبيعية في الهمس والجهر، والشدة والرخاوة، والتفخيم والترقيق، والتفشي والتكرار، وما هذه الفواصل التي تنتهي بها آيات القرآن إلا صورة تامة للأبعاد التي تنتهي بها جمل الموسيقى وهي متفقة مع آياتها في قرار الصوت اتفاقاً عجيباً ليلائم نوع الصوت، والوجه الذي يساق عليه بما ليس وراءه في العجب مذهب [٣٢].
ثالثاً: كلمة الختام:
إن الكلام في إعجاز القرآن طويل، وقد اقتصرنا على أجزاء معينة، فنرجو من كل مطلع على هذا الموضوع أن يتفضل فيدعو لنا بالخير، وأن يزودنا بملاحظاته واستدراكاته، فإن الدين النصيحة، والمؤمنون بخير ما تناصحوا، وليعلم القارئ الكريم أننا لا نزعم لأنفسنا الكمال.
وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يبارك في هذا العمل القليل، وأن يرزقنا الإخلاص والإتباع، ونعوذ به من الرياء والابتداع، فما أخطأت فمن نفسي والشيطان، وما أصبت فمن الله.
وسبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
متخصر عن كتاب المؤلف بتصرف.
المراجع
١- القرآن الكريم.
٢- تفسير وبيان مفردات القرآن – دار الرشيد – إعداد محمد حسن الحمصي.
٣- المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم – محمد فؤاد عبد الباقي – دار الفكر العربي.
٤- معترك الأقران في إعجاز القرآن – الإمام جلال الدين السيوطي – تحقيق: أحمد شمس الدين – دار الكتب العلمية – الطبعة الأولى ١٤٠٨هـ.
٥- إعجاز القرآن – الإمام محمد بن الطيب الباقلاني – تحقيق الشيخ: عماد الدين أحمد حيدر – مؤسسة الكتب الثقافية.
٦- إعجاز القرآن – الإمام محمد بن الطيب الباقلاني – تحقيق الشيخ: محمد شريف سكر – دار إحياء العلوم – الطبعة الثانية ١٤١١هـ.
٧- البرهان في علم القرآن – بدر الدين الزركشي – تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم – المكتبة العصرية.
٨- الجامع لأحكام القرآن – الإمام محمد القرطبي – دار الكتب العلمية – الطبعة الأولى – ١٤٠٨هـ.
٩- التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب -الفخر الرازي- دار الكتب العلمية – الطبعة الأولى – ١٤١١هـ.
١٠- في ظلال القرآن – سيد قطب – دار الشروق – الطبعة السادسة عشرة – ١٤١٠هـ.
١١- مناهل العرفان في علم القرآن – الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني – تحقيق: أحمد شمس الدين – دار الكتب العلمية – الطبعة الأولى ١٤٠٩هـ.
١٢- التصوير الفني في القرآن -سيد قطب- دار الشروق – المكتب الإسلامي – الطبعة الثالثة- ١٤١٠هـ.
١٣- لمحات في علوم القرآن – د/ محمد بن لطفي الصباغ – المكتب الإسلامي – الطبعة الثالثة- ١٤١٠هـ.
١٤- التبيان في علوم القرآن – الشيخ محمد علي الصابوني – عالم الكتب – الطبعة الأولى- ١٤٠٥هـ.
١٥- إعجاز القرآن والبلاغة النبوية -مصطفى صادق الرافعي- دار الفكر العربي.
١٦- نظرية التصوير الفني عند سيد قطب – د/ صلاح عبد الفتاح الخالدي- دار المنارة -الطبعة الثانية- ١٤٠٩هـ.
١٧-وفي أنفسكم أفلا تبصرون – أنس عبد الحميد القوز – الطبعة الأولى ١٤٠٩هـ.
١٨-الطبيعيات والإعجاز العلمي في القرآن الكريم – د/ عبد العليم عبد الرحمن خضر – الدار السعودية للنشر والتوزيع – الطبعة الأولى- ١٤٠٩هـ.
١٩- الإعجاز العلمي في القرآن الكريم – د/ زغلول النجار – شريط.
٢٠- كتاب توحيد الخالق – عبد المجيد بن عزيز الزنداني – مؤسسة الكتب الثقافية – الطبعة الرابعة- ١٤١١هـ.
٢١- كتاب التوحيد – عبد المجيد بن عزيز الزنداني – دار المجتمع للنشر والتوزيع – الطبعة الثالثة- ١٤٠٨هـ.
٢٢- الظواهر الجغرافية من العلم والقرآن – د/ عبد العليم عبد الرحمن خضر – الدار السعودية للنشر والتوزيع – الطبعة الثالثة- ١٤٠٧هـ.
٢٣- القاموس المحيط – الفيروز آبادي – مؤسسة الرسالة – الطبعة الثانية- ١٤٠٧هـ.