عندما ضيق حددها للمتقين ثم وصفهم في الآيات التالية
وعندما وسع عم القول ليسع الخلق (الذين آمنوا بالله ورسله)
وهؤلاء المتقون جزء من الذين آمنوا، ولم يحدد عملا محددا لهؤلاء
سابقوا، سارعوا
ـ عندما قال (سارعوا) قال (عرضها السموات والأرض"
وعندما قال (سابقوا) قال (كعرض السماء والأرض)
ـ كثرة الخلق المتجهين لمكان واحد تقتضي المسابقة
فإن قلوا اقتضى ذلك المسارعة فقط، وليس المسابقة
اتسع المكان فاتسع الخلق، ذكر السماء التي تشمل السموات وزيادة، وذكر الذين آمنوا بالله ورسله ووهي تشمل
المتقين وزيادة، ثم زاد وقال: "ذلك فضل الله
لأن الفضل أوسع مما جاء في آل عمران بل الفضل واضح إذ جاءت عامة
وكذلك لو لاحظنا الناحية الفنية لرأينا وضع كل واحدة يناسب ما هي فيه، ففي سورة الحديد تتكرر عبارات (آمنوا بالله) و(الفضل العظيم) و(يضاعف لهم) ففيها تفضلات كثيرة
وكذلك وضع الواو في سارعوا، آية آل عمران فيها تعاطفات، أما الأخرى فبلا عطف
كذلك وضع الواو في سارعوا، آية آل عمران فيها تعاطفات، أما الأخرى فبلا عطف
وفي أل عمران نرى المتقينوالأمر بالتقوى يتكرر عدة مرات
وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة : يونس وسبأ
" وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ" ـ يونس: ٦١
" وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ" ـ سبأ: ٣
نحتاج إلى توضيح الفروق بين
ـ ما يعزُب، لا يعزب
ـ مثقال، من مثقال
ـ السماء، السموات
ـ تقديم وتأخير
ـ أصغرَ، أصغرُ
ـ عن ربك، عننه
بداية الآية مختلفة، التذييل متشابه
آية سبأ جاءت تذييلا وتعقيبا للحديث عن الساعة
آية يونس جاءت لبيان مقدار إحاطة علم الله بكل شيء، وسعة ذلك العلم
ترتب على هذا اختلاف التعبير بين الآيتين
ـ لا يعزُب، ما يعزب
* لفرق بين (لا) و (ما) عند دخولها على المضارع
_ (لا) كما يقول أكثر النحاة للاستقبال
الزمخشري: (لا) و (لن) أختان في نفي المستقبل
ـ رأي آخر (يفضله الدكتور) (لا) مطلقة، قد تكون للاستقبال فعلا، مثل: "لا تفتح لهم أبواب السماء"، و "لا تجزي نفس عن نفس شيئا"
وقد تكون للحال: "ما لي لا أرى الهدهد.. "، "أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا"، " ما لكم لا تنطقون"، " لهم قلوب لا يعقلون بها.. "
والسبب أن (لا) أقدم حرف نفي في العربية، وكل الحروف جاءت بعدها، لذلك فاستعمال (لا) واسع، فهو أوسع حرف في العربية، يدخل في الماضي والمضارع والمستقبل والحال، يدخل على الأسماء النكرات والمعارف، الاستغراق وغير الاستغراق
* في آية سبأ:"لا تأتينا الساعة" نفوا شيئا مستقبليا، فرد عليهم بـ (لا) "لا يعزب"، ثم إنه أقسم "بلى وربي" جوابه في المضارع لتأتينه وجوابه في النفي (لا)
يقول سيبويه: (لأفعلن) نفيه (لا أفعل)
إذن اقتضى المقام كله النفي بلا، فناسبت الآية (لا) من كل جهة
١ـ الاستقبال
٢ـ القسم المتقدم إثباته وجوابه
* أما آية يونس فالكلام ليس عن مستقبل، بل عن الحال فناسب أن يأتي بـ (ما)
ـ عنه، عن ربك
في آية يونس (عن ربك) ـ وقال في سبأ (عنه)
إذ تقدم في سبأ "بلى وربي"، أي تقدم ذكر الرب، ولم يأت في يونس
ـ عالم الغيب
عالم (اسم فاعل) جاءت في سورة سبأ، لا تأتي في القرآن إلا مع الغيب المفرد
أما علام فتأتي مع الغيوب لأنها صيغة مبالغة تقتضي التكثير
نظيرها (غافر) تختص بالذنب، أما (غفور) فعامة
ـ مثقال، من مثقال
(من ) الزائدة الاستغراقية تفيد الاستغراق والتوكيد
نقول: ( ما حضر رجل)
تعني: لم يحضر أي رجل، لم يحضر أي فرد من هذا الجنس
ويحتمل : لم يحضر رجل واحد بل اثنان أو أكثر
ونقول: (ما حضر من رجل) تفيد استغراق الجنس كله، فهو نفي قاطع للحضور فلم يحضر أي أحد ولا مجال للاحتمال
فالتعبير الأول تعبير احتمالي، التعبير الثاني تعبير نصي قطعي
* آية سبأ ليس الكلام فيها عن علم الغيب أصالة، الكلام في التعقيب على الساعة، أما سورة يونس فالكلام أصلا عن سعة علم الله عز وجل، وبيان مقدار إحاطة هذا العلم بكل شيء
فسياق إحاطة علم الله بكل شيء هو الذي يقتضي التوكيد والإتيان بمن الاستغراقية
ومثلها (من عمل) استغراق وعموم لا يستثني شيئا
ـ في الأرض ولا في السماء، في السموات ولا في الأرض
آية سبأ تتحدث عن الساعة، والساعة إنما يأتي أمرها من السماء وتبدأ بأهل السماء: "ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض"
"ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السموات والأرض"
أما يونس فالكلام فيها على أهل الأرض فناسب أن يقدم المكان (الأرض)


الصفحة التالية
Icon