اللعنة أشد وأكبر من الغضب لأن اللعنة طرد من رحمة الله لذلك قال تعالى في إبليس ﴿ وأن عليك اللعنة إلى يوم الدين ﴾ وقدم سبحانه اللعنة على الغضب فقال ﴿ من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت ﴾.. أما في شهادة الرجل ونقض المرأة.. فلأن المترتب على كذب الرجل أي –صدق المرأة –أكبر وأشد من المترتب على صدقه أي –كذب المرأة –لأن الإسلام يميل إلى التحفظ والتستر عن عورات الناس ويتجنب إذاعة الفاحشة بينهم ويميل أيضا إلى حفظ الآصرة الأسرية لا تقويضها ونقضها، ففي صدق الرجل مدعاة لإحقاق حق من حيث أنها مدعاة للسوء وفي كذبه كل الشر والسوء. وفي صدق المرأة كل الخير وفي كذبها مدعاة للشر من حيث أن فيها شعبة من شعب الخير..
٢٠. قال تعالى: ﴿ مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا ﴾ الجمعة ٥.. من المعلوم أن الإبل تحمل أسفارا كما تحملها الحمير فلم لم يقل الحق كمثل الإبل تحمل أسفارا.. ؟؟؟
ذلك لأن الإبل في موضع من القرآن كانت آية من آيات الله تعالى لقوله ﴿ أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ﴾ الغاشية ١٧.. فلا يناسب أن تكون مثل سوء، وقال تعالى فيها أيضا ﴿ والبدن جعلناها من شعائر الله ﴾ الحج ٣٦ وقال ﴿ لكم فيها خير ﴾ فأهل الضلال لا يشبهون بما فيه خير، من جانب آخر كان الحمار مثل سوء في القرآن فقال تعالى أهل الكفر ﴿ كأنهم حمر مستنفرة ﴾ المدثر ٥٠.. وقال تعالى في صوت الحمار ﴿ إن أنكر الأصوات لصوت الحمير ﴾ لقمان ١٩، لا بل إن الله تعالى قد أخّر الحمير حتى على البغال فقال ﴿ والخيل والبغال والخمير لتركبوها ﴾ النحل ٨.. ، فكان هذا التشبيه إشعارا بكبر مقت الله لهم..
٢١. قال تعالى :﴿ إن يشأ يسكن الريح فيضللن رواكد على ظهره ﴾ الشورى٣٢.. لماذا قال تعالى الريح ولم يقل الرياح.. ؟؟؟
الريح هي التي تأتي من جهة واحدة معلومة قال تعالى ﴿ فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم ﴾الأحقاف ٢٤.. أما الرياح فهي التي تأتي من اتجاهات متعددة قال تعالى: ﴿ وأرسلنا الرياح لواقح ﴾ الحجر ٢٢.. من هذا كانت الريح هي ما يناسب جريان السفن وليس الرياح. وهنا لا بد من الإشارة إلى أمر.. وهو أن الريح تأتي بالعذاب والرياح تأتي بالرحمة. لكن اقتصار العذاب على الريح لا يعني اقتصار الريح على العذاب. كما أن اقتصار الإحراق على النار لا يعني اقتصار النار على الإحراق إذ منها النور ومنها الدفء وما إلى ذلك.. إذن فالريح تأتي بالعذاب وتأتي بالرحمة أيضا.. لقوله تعالى ﴿ وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها ﴾ يونس ٢٢.. وقال تعالى ﴿ فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب ﴾ ص ٣٦.. وقال تعالى ﴿ ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر ﴾ سبأ ١٢..
٢٢. قال تعالى :﴿ ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ﴾ الأنعام ١٥١.. وقال ﴿ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم ﴾ الإسراء ٣١.. لماذا هذا التقديم والتأخير بين نرزقكم وإياهم ونرزقهم وإياكم.. ؟؟؟
في الأولى قال تعالى ﴿ من إملاق ﴾أي أن الإملاق ( الفقر ) واقع أصلا قبل أن يولد المولود.. فولادة المولود هنا زادت في الفقر وليس أتت بالفقر _ على حد ضنهم _ فقال تعالى ﴿نرزقكم ﴾ لأنكم الأصل في الفقر وأن الفقر موجود فيكم قبل أن يولد لكم وليس المولود.. أما الثانية فقال تعالى :﴿ خشية إملاق ﴾ أي أن الفقر هنا لم يكن موجودا لكن خيف الفقر مع ولادة المولود فكان المولود هو من جاء بالشعور بوقوع الفقر هذا الشعور لم يكن موجودا قبله فقال تعالى ﴿ نرزقهم ﴾ باعتبارهم هم من ولّد فكرة الفقر في النفوس.. فجاءت ﴿ نرزقكم ﴾ ﴿ ونرزقهم ﴾ لمناسبة كل حالة..
٢٣. قال تعالى :﴿ هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلا وأجل مسمى ثم أنتم تمترون ﴾ الأنعام ٢.. لماذا قال تعالى هنا ﴿ من طين ﴾ بينما ذكر في مواضع أخر ﴿ من تراب ﴾ و﴿ من ماء ﴾ أي ما الحكمة من لفظة ﴿ الطين ﴾ بالذات وفي هذا الموضع.. ؟؟
ذكر تعالى هنا الطين لأن مطلع السورة يقول ﴿ الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون ﴾ فناسب لفظ الطين هنا سياق الكلام.. أي أن الطين مزيج من السماء والأرض.. من ماء وهو من السماء ومن تراب وهو من الأرض.. والطين أيضا مزيج من نور وظلمة.. نور السماء ( المتمثل بالماء ) وظلمة الأرض المتمثلة بالتراب فكأن الطين قد جمع بين السماء والأرض والظلمة والنور..
٢٤. قال تعالى :﴿ وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين ﴾يوسف ٤٢.. وقال تعالى :﴿ ارجع إلى ربك فاسئله ما بال النسوة الاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم ﴾ يوسف ٥٠.. في الأولى كانت ﴿ ربك ﴾ من يوسف لحظة نسيان شيطانية لبث بسببها في السجن بضع سنين، فلماذا لم يعنف الله عليه الثانية لما قال ﴿ ارجع إلى ربك ﴾ واللفظين واحد.. ؟؟؟