وأما أوجه البلاغة فلا تجد آية من القرآن إلا وفيها من أوجه البلاغة ما يبهر العقول، ولك أن تنظر في قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ (النور: ٤٣) الآية ٤٣ التي أشرنا إليها من سورة النور، ففيها طباق في قوله تعالى: يصيب به، ويصرفه، وهو من صور البديع، وفيها الاستعارة المكنية في قوله تعالى: يقلب الله الليل والنهار، وهي من فروع البيان، وفيها الجناس التام في قوله تعالى: يذهب بالأبصار، لأولي الأبصار، وهو من المحسنات اللفظية.
ولك أن تنظر في الآية: ٤٨ من سورة الروم التي أشرنا إليها في إحدى الفتاوى المذكورة، ففيها أسلوب إطناب وهو من صور المعاني، ويحسن عند التذكير بالنعم ونحوها، فقد أسهب سبحانه وتعالى تذكيراً للعباد بالنعم الكثيرة.
ثم في الآيات المشار إليها من سورة النبأ: أوتاداً- أزواجاً- سباتا- لباسا- معاشا- شداد- وهاجا- ثجاجا- نباتا- ألفافا، فيها سجع مرصع، وهو من البديع الذي يحسن كثيراً في النثر.
والله أعلم.
=============
الإعجاز القرآني لآية من كتاب الله
تاريخ الفتوى :…٠٥ ذو القعدة ١٤٢٤ / ٢٩-١٢-٢٠٠٣
السؤال
الإعجاز القرآني في استخدام أدوات الشرط فى سورة الأعراف آية ١٣١؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما من شك في كون القرآن معجزاً في ألفاظه وتركيبه، ومعجزاً في ما اشتمل عليه من معان، وقد يدرك البشر وجوه هذا الإعجاز وقد يجهلونه، وما علمه الناس لا يساوي شيئاً بالإضافة إلى ما جهلوا منه، ولكن تبقى هذه الحقيقة ماثلة وهي قول الله تعالى: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً [الإسراء: ٨٨]، وراجع الفتوى رقم: ٢٧٨٤٣، والفتوى رقم: ٣١٨١٢ هذا من حيث العموم.
وبخصوص الآية المسؤول عنها وهي قول الله تعالى: فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ [الأعراف: ١٣١].
فقد ذكر الطاهر بن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير أنه قد جيء في جانب الحسنة بإذا الشرطية، لأن الغالب في "إذا" الدلالة على اليقين بوقوع الشرط أو ما يقرب من اليقين، كقولك: إذا طلعت الشمس فعلت كذا، ولذلك غلب أن يكون فعل الشرط مع "إذا" فعلاً ماضياً، لكون الماضي أقرب إلى اليقين في الحصول من المستقبل... وجيء في جانب السيئة بحرف "إن"، لأن الغالب أن تدل "إن" على التردد في وقوع الشرط أو على الشك، ولكون الشيء النادر الحصول غير مجزوم بوقوعه ومشكوكاً فيه، جيء في شرط إصابة السيئة بحرف "إن" لندرة وقوع السيئات أي المكروهات بالنسبة إلى الحسنات أي النعم. انتهى المقصود، ويراجع الجزء الخامس صفحة ٦٤-٦٥ لتمام الفائدة.
والله أعلم.
===============
إعجاز القرآن.. معناه.. أنواعه ووجوهه
تاريخ الفتوى :…٢٤ ذو القعدة ١٤٢٣ / ٢٧-٠١-٢٠٠٣
السؤال
ما هو الإعجاز القرآني ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالإعجاز القرآني يتمثل في أمرين:
الأول: إعجازه من حيث ألفاظه وتراكيبه وبلاغته، فهو يجمع المعاني العظيمة الكثيرة بأجمل لفظ وأخصر عبارة، وقد تحدى الله العرب البلغاء الفصحاء مجتمعين مع الجن أن يأتوا بمثل هذا القرآن، قال الله تعالى: فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ [الطور: ٣٤].
وقال تعالى: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً [الإسراء: ٨٨].
بل تحداهما بسورة واحدة، قال الله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [البقرة: ٢٣].
وقد عجز الجميع عن أن يأتوا بسورة في حجم سورة العصر فأي إعجاز بعد هذا!!
والثاني: الحقائق العلمية التي أخبر عنها في كتابه وتوصل علماء الفلك والطبيعة إلى بعضها في هذا العصر.


الصفحة التالية
Icon