- والإنسان الكامل هو ذلك الذي يبذل جهده في خدمة جماعته ويعمل على النهوض بها فلا يعيش كَلا ولا يقبل أن يُرضى غروره بأن يسمع ثناء على ما لم يفعل أما هؤلاء (الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب اليم)
- ومن اكبر سماته أنه يدفع السيئة بالحسنى فيؤلف القلوب النافرة ويستل الخصومة من صدر أعدائه (ولا تستوى الحسنة ولا السيئة ادفع بالتى هي احسن فإذا الذى بينك وبينه عداوة كانه وليٌّ حميم وما يلقاها الا الذين صبروا وما يلقاها الا ذو حظ عظيم)
- وانت ترى القرآن يعترف بان هذا الخُلق لا يتصف به إلا من كان ذا قدم عظيمة في التفوق في مراتب الكمال وذا حظ عظيم منه ويتصل بهذه الصفة كظم الغيظ والعفو عن الناس و ولهذا مجدهما القرآن اذ قال (وسارعوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون)
- وهو عادل يقول الحق ولا يحيد عنه ولا يصرفه عن قوله ذو قرابة أو عداوة (وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلواهو اقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون)
- قد طهر قلبه قلا يحمل لإحد غلا ولا موجدة ويسأل الله السلامة من شر ذلك قائلا (ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا انك رؤف رحيم) - ولا يسعد إنسان في حياته إذا كان يحمل في قلبه ضغنا على أحد أو احسدا أو غلا فان ذلك يقلب الحياة شقاة وينغص على المرء أيامه ولياليه فضلا عن ضياع الوقت وما اجمل الحياة إذا طهر قلب المرء وبعد عنه ما يئوده من هموم الحقد والحسد حينئذ يعمل في طمأنينه ويجاهد في سكينة
- وحسنت صلته بجاره ذي القربى والجار الجنب ولذلك آثره في سعادة الحياة والطمائنية فيها
- ويعامل الناس برفق فلا يغره منصب يظفر به ولا مال يحويه ولا يدفعه ذلك إلى تعاظم أو كبر ولا يخرجه ما يظفر به إلى البطر والمرح (ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا أن الله لا يحب كل مختال فخور واقصد في مشيك واغضض من صوتك أن أنكر الأصوات لصوت الحمير)
- يرد التحية بأحسن منها (وإذا حييتهم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها أن الله كان على كل شي حسيبا)
- ولا يدخل بيتنا غير بيته حتى يستأذن (يا أيها الذي آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون فان لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وان قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكي لكم والله بما تعملون عليم)
- ويجلس مع الناس في رفق فلا يجد غضاضة في أن يفسح لغيره من مجلسه (ياأيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم وإذا قيل انشزوافنشزوا يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير )
- وإذا كانت السخرية بالغير بأي لون من ألوان السخرية مدعاة إلى تأصل العداء وتقطع الصلات كان الإنسان النبيل هو من يجتنب السخرية من الناس وعيبهم ولمزهم بألقاب يكرهونها (ياأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكون خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون)
- ومن أهم أخلاق الإنسان المثالي الصبر وقد اثني به الله كثيرا وحث عليه كثيرا وجعله خلة لا يظفر بها إلا الممتازون من الناس ذوو الحظ الكبير... قال سبحانه (وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنّا لله وإنّا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) وقال (وبشر المخبتين الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم )
- وقال (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)
- ومما يرتبط بالصبر شديد الارتباط مقابلة الأحداث ونوازل الحياة بل ماتأتى به من سعادة وخير في هدوء وطمانينة فلا يستغرقه فرح ولا يثيره حزن ولا ألم (لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور)
- ويسير في إنفاقه سيرا مقتصدا لا فيه ولا تبذير (والذين اذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا)
- وهو لذلك يأكل ويشرب ويستمتع في غير إسراف ولا خيلاء (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين)
- ويأخذ بحظه من الحياة الدنيا في غير تكالب عليها ولا يجعل الاستمتاع بها الهدف الأساسي في الحياة
- ويكره القرآن للمرء أن يتبجح بالقول فيدّعي انه سيفعل ويفعل ثم تنجلي كثرة القول عن تقصير معيب في العمل (ياأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون)