١٥ - ومنها: إثبات أن السموات عدد؛ لقوله تعالى: ﴿ السموات ﴾؛ وأما كونها سبعاً، أو أقل، أو أكثر، فمن دليل آخر.
١٦ - ومنها: كمال سلطان الله لقوله تعالى: ﴿ من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ﴾؛ وهذا غير عموم الملك؛ لكن إذا انضمت قوة السلطان إلى عموم الملك صار ذلك أكمل، وأعلى.
١٧ - ومنها: إثبات الشفاعة بإذن الله؛ لقوله تعالى: ﴿ إلا بإذنه ﴾؛ وإلا لما صح الاستثناء.
١٨ - ومنها: إثبات الإذن - وهو الأمر -؛ لقوله تعالى: ﴿ إلا بإذنه ﴾؛ وشروط إذن الله في الشفاعة: رضى الله عن الشافع؛ وعن المشفوع له؛ لقوله تعالى: ﴿وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئاً إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى﴾ [النجم: ٢٦]، وقوله تعالى: ﴿ولا يشفعون إلا لمن ارتضى﴾ [الأنبياء: ٢٨].
١٩ - ومنها: إثبات علم الله، وأنه عام في الماضي، والحاضر، والمستقبل؛ لقوله تعالى: ﴿ يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ﴾.
٢٠ - ومنها: الرد على القدرية الغلاة؛ لقوله تعالى: ﴿ يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ﴾؛ فإثبات عموم العلم يرد عليهم؛ لأن القدرية الغلاة أنكروا علم الله بأفعال خلقه إلا إذا وقعت.
٢١ - ومنها: الرد على الخوارج والمعتزلة في إثبات الشفاعة؛ لأن الخوارج، والمعتزلة ينكرون الشفاعة في أهل الكبائر؛ لأن مذهبهما أن فاعل الكبيرة مخلد في النار لا تنفع فيه الشفاعة.
٢٢ - ومنها: أن الله عز وجل لا يحاط به علماً كما لا يحاط به سمعاً، ولا بصراً؛ قال تعالى: ﴿لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار﴾ [الأنعام: ١٠٣]، وقال تعالى: ﴿ولا يحيطون به علماً﴾ [طه: ١١٠].
٢٣ - ومنها: أننا لا نعلم شيئاً عن معلوماته إلا ما أعلمنا به؛ لقوله تعالى: ﴿ ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء ﴾ على أحد الوجهين في تفسيرها.
٢٤ - ومنها: تحريم تكييف صفات الله؛ لأن الله ما أعلمنا بكيفية صفاته؛ فإذا ادعينا علمه فقد قلنا على الله بلا علم.
٢٥ - ومنها: الرد على الممثلة؛ لأن ذلك قول على الله بلا علم؛ بل بما يعلم خلافه؛ لقوله تعالى: ﴿ليس كمثله شيء﴾ [الشورى: ١١].
٢٦ - ومنها: إثبات مشيئة الله؛ لقوله: ﴿ إلا بما شاء ﴾.
٢٧ - ومنها: عظم الكرسي؛ لقوله تعالى: ﴿ وسع كرسيه السموات والأرض ﴾.
٢٨ - ومنها: عظمة خالق الكرسي؛ لأن عظم المخلوق يدل على عظمة الخالق.
٢٩ - ومنها: كفر من أنكر السموات، والأرض؛ لأنه يستلزم تكذيب خبر الله؛ أما الأرض فلا أظن أحداً ينكرها؛ لكن السماء أنكرها من أنكرها، وقالوا: ما فوقنا فضاء لا نهاية له، ولا حدود؛ وإنما هي سدوم، ونجوم، وما أشبه ذلك؛ وهذا لا شك أنه كفر بالله العظيم سواء اعتقده الإنسان بنفسه، ووهمه؛ أو صدَّق من قال به ممن يعظمهم إذا كان عالماً بما دل عليه الكتاب والسنّة.
٣٠ - ومنها: إثبات قوة الله؛ لقوله تعالى: ﴿ ولا يؤوده حفظهما ﴾.
٣١ - ومنها: أنه سبحانه وتعالى لا يثقل عليه حفظ السموات، والأرض؛ لقوله تعالى: ﴿ ولا يؤوده حفظهما﴾؛ وهذه من الصفات المنفية؛ فهي كقوله تعالى: ﴿وما مسنا من لغوب﴾ [ق~: ٣٨].
٣٢ - ومنها: إثبات ما تتضمنه هذه الجملة: ﴿ ولا يؤوده حفظهما ﴾؛ وهي العلم، والقدرة، والحياة، والرحمة، والحكمة، والقوة.
٣٣ - ومنها: أن السموات، والأرض تحتاج إلى حفظ؛ لقوله تعالى: ﴿ ولا يؤوده حفظهما ﴾؛ ولولا حفظ الله لفسدتا؛ لقوله تعالى: ﴿إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليماً غفوراً﴾ [فاطر: ٤١].
٣٤ - ومنها: إثبات علو الله سبحانه وتعالى أزلاً، وأبداً؛ لقوله تعالى: ﴿ وهو العلي ﴾؛ و﴿ العلي ﴾ صفة مشبهة تدل على الثبوت، والاستمرار؛ وعلوّ الله عند أهل السنة، والجماعة ينقسم إلى قسمين؛ الأول: علو الذات؛ بمعنى أنه سبحانه نفسه فوق كل شيء؛ وقد دل على ذلك الكتاب، والسنة، وإجماع السلف، والعقل، والفطرة؛ وتفصيل هذه الأدلة في كتب العقائد؛ وخالفهم في ذلك طائفتان؛ الأولى: من قالوا: إنه نفسه في كل مكان في السماء، والأرض؛ وهؤلاء حلولية الجهمية، ومن وافقهم؛ وقولهم باطل بالكتاب، والسنّة، وإجماع السلف، والعقل، والفطرة؛ الطائفة الثانية: قالوا: إنه لا يوصف بعلوّ، ولا غيره؛ فهو ليس فوق العالم، ولا تحته، ولا عن يمين، ولا عن شمال، ولا متصل، ولا منفصل؛ وهذا قول يكفي تصوره في رده؛ لأنه يَؤول إلى القول بالعدم المحض؛ إذ ما من موجود إلا وهو فوق، أو تحت، أو عن يمين، أو شمال، أو متصل، أو منفصل؛ فالحمد لله الذي هدانا للحق؛ ونسأل الله أن يثبتنا عليه؛ والقسم الثاني: علو الصفة: وهو أنه كامل الصفات من كل وجه لا يساميه أحد في ذلك؛ وهذا متفق عليه بين فرق الأمة، وإن اختلفوا في تفسير الكمال.
٣٥ - ومن فوائد الآية: الرد على الحلولية، وعلى المعطلة النفاة؛ فالحلولية قالوا: إنه ليس بعالٍ؛ بل هو في كل مكان؛ والمعطلة النفاة قالوا: لا يوصف بعلو، ولا سفل، ولا يمين، ولا شمال، ولا اتصال، ولا انفصال.


الصفحة التالية
Icon