١٦٠ - قَوْله ﴿قل لَا أملك لنَفْسي نفعا وَلَا ضرا إِلَّا مَا شَاءَ الله﴾ فِي هَذِه السُّورَة وَفِي يُونُس ﴿قل لَا أملك لنَفْسي ضرا وَلَا نفعا إِلَّا مَا شَاءَ الله﴾ لِأَن أَكثر مَا جَاءَ فِي الْقُرْآن من لَفْظِي الضّر والنفع مَعًا جَاءَ بِتَقْدِيم لفظ الضّر على النَّفْع لِأَن العابد يعبد معبوده خوفًا من عِقَابه أَولا ثمَّ طَمَعا فِي ثَوَابه ثَانِيًا يقويه قَوْله ﴿يدعونَ رَبهم خوفًا وَطَمَعًا﴾ وَحَيْثُ تقدم النَّفْع على الضّر تقدم لسابقة لفظ تضمن نفعا وَذَلِكَ فِي ثَمَانِيَة مَوَاضِع ثَلَاثَة مِنْهَا بِلَفْظ الِاسْم وَهِي هَهُنَا والرعد وسبأ وَخَمْسَة بِلَفْظ الْفِعْل وَهِي فِي الْأَنْعَام ﴿ينفعنا وَلَا يضرنا﴾ وَآخر فِي يُونُس ﴿مَا لَا ينفعك وَلَا يَضرك﴾ وَفِي الْأَنْبِيَاء ﴿مَا لَا ينفعكم شَيْئا وَلَا يضركم﴾ وَالْفرْقَان ﴿مَا لَا يَنْفَعهُمْ وَلَا يضرهم﴾ وَفِي الشُّعَرَاء ﴿ينفعونكم أَو يضرون﴾
أما فِي هَذِه السُّورَة فقد تقدمه ﴿من يهد الله فَهُوَ الْمُهْتَدي وَمن يضلل﴾ فَقدم الْهِدَايَة على الضَّلَالَة وَبعد ذَلِك ﴿لاستكثرت من الْخَيْر وَمَا مسني السوء﴾ فَقدم الْخَيْر على السوء فَلذَلِك قدم النَّفْع على الضّر
وَفِي الرَّعْد ﴿طَوْعًا وَكرها﴾ فَقدم الطوع وَفِي سبأ ﴿يبسط الرزق لمن يَشَاء وَيقدر﴾ فَقدم الْبسط
وَفِي يُونُس قدم الضّر على الأَصْل ولموافقة مَا قبلهَا ﴿مَا لَا يضرهم وَلَا يَنْفَعهُمْ﴾ وفيهَا ﴿وَإِذا مس الْإِنْسَان الضّر﴾ فَيكون فِي الْآيَة ثَلَاث مَرَّات وَكَذَلِكَ مَا جَاءَ بِلَفْظ الْفِعْل فلسابقة معنى يتَضَمَّن فعلا


الصفحة التالية
Icon