١٦٣ - قَوْله ﴿كدأب آل فِرْعَوْن وَالَّذين من قبلهم كفرُوا بآيَات الله﴾ ثمَّ قَالَ بعد آيَة ﴿كدأب آل فِرْعَوْن وَالَّذين من قبلهم كذبُوا بآيَات رَبهم﴾ قَالَ الْخَطِيب قد أجَاب فِيهَا بعض أهل النّظر بِأَن قَالَ ذكر فِي الْآيَة الأولى عُقُوبَته إيَّاهُم عِنْد الْمَوْت كَمَا فعله بآل فِرْعَوْن وَمن قبلهم من الْكفَّار وَذكر فِي الثَّانِيَة مَا يفعل بهم بعد الْمَوْت كَمَا فعله بآل فِرْعَوْن وَمن قبلهم فَلم يكن تَكْرَارا
قَالَ الْخَطِيب وَالْجَوَاب عِنْدِي أَن الأول إِخْبَار عَن عَذَاب لم يُمكن الله أحدا من فعله وَهُوَ ضرب الْمَلَائِكَة وُجُوههم وأدبارهم عِنْد نزع أَرْوَاحهم وَالثَّانِي إِخْبَار عَن عَذَاب مكن النَّاس من فعل مثله وَهُوَ الإهلاك والإغراق
قلت وَله وَجْهَان آخرَانِ محتملان أَحدهمَا كدأب آل فِرْعَوْن فِيمَا فعلوا وَالثَّانِي كدأب آل فِرْعَوْن فِيمَا فعل بهم فهم فاعلون على الأول ومفعولون فِي الثَّانِي
وَالْوَجْه الآخر أَن المُرَاد بِالْأولِ كفرهم بِاللَّه وَبِالثَّانِي تكذيبهم بالأنبياء لِأَن تَقْدِير الْآيَة كذبُوا الرُّسُل بردهمْ آيَات الله
وَله وَجه آخر وَهُوَ أَن يَجْعَل الضَّمِير فِي ﴿كفرُوا﴾ لكفار قُرَيْش على تَقْدِير كفرُوا بآيَات الله كدأب آل فِرْعَوْن وَكَذَلِكَ الثَّانِي كذبُوا بآيَات رَبهم كدأب آل فِرْعَوْن
١٦٤ - قَوْله ﴿الَّذين آمنُوا وَهَاجرُوا وَجَاهدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وأنفسهم فِي سَبِيل الله﴾ فِي هَذِه السُّورَة بِتَقْدِيم ﴿بِأَمْوَالِهِمْ وأنفسهم﴾ وَفِي بَرَاءَة بِتَقْدِيم ﴿فِي سَبِيل الله﴾ لِأَن فِي هَذِه السُّورَة تقدم ذكر المَال وَالْفِدَاء وَالْغنيمَة فِي قَوْله {تُرِيدُونَ عرض