ومجموع الجمل في الآية ثلاثٌ وعشرون جملة.
أربع منها طويلة ممتدة، وإحدى عشرة جملة متوسطة الطول، وثماني جمل قصيرة.
وعليه، فالكثرة الكاثرة للجمل المتوسطة والقصيرة، من نحو ( فليكتب )، ( وليملل الذي عليه الحق ) ( وليتق الله ربه ).
وهي نغمات تشعرك بالحدة، والحسم، وسرعة اللهجة وعلو الصوت، وكأنها أمور لا تحتمل النقاش أو التأجيل، أو النظر، وهذا يصب في دائرة الإلزام بالكتابة، فالقضية متعلقة بالحقوق من جهة، وبوحدة الصف من جهة أخرى، وهذه قضايا لا تهاون فيها، لذا كانت النبرة عالية وسريعة.
أما من حيث الحروف :
فإن الحروف الثلاثة [ الكاف، والتاء، والباء ] في لفظ [ كتب] هي النغمة الشائعة في الآية.
واسمع إلى ذلك :
[ فاكتبوه - وليكتب - كاتب - كاتب - يكتب - فليكتب - تكتبوه - تكتبوها - كاتب - ].
فهي نغمة لا تكاد تنقطع عن الأذن، ولا ينفك القارئ منها حتى ينتهي من الآية، وهي نغمة موزعة في جنبات الآية من أولها إلى آخرها ؛ فلا يكاد القارئ يسمعها إلا وتعاوده مرة أخرى ؛ لتشيع هذا الجو من الحفظ، والضمان الموجود في دلالتها.
ودلالة هذه الكلمة في اللغة تفيد [ جمع الشيء إلى الشيء ].
فإذا جمع كل ذلك من النغمات التي ختمت بها الجمل والفواصل لَتَبيَّن ما في الآية من دقَّات عالية الصوت، وكأنها دقات إنذار وتحذير عالي اللهجة من خوض هذا المعترك الخطر، أعني : معترك الديون، ولنسمع سوياً إلى ختام هذه النغمات، أو الجمل والحظ معي آخر كل جملة وخلوها من الامتداد الصوتي او كما يقول الموسيقيون _ القفلات الحادة _، لنسمع :
وليكتب بينكم كاتب بالعدل.
فليكتب وليملل الذي عليه الحق.
وليتق الله ربه.
واستشهدوا شهيدين من رجالكم.
ذلكم أقسط عند الله.
وأقوم للشهادة.
وأشهدوا إذا تبايعتم.
وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم.
واتقوا الله.
ويعلمكم الله.


الصفحة التالية
Icon