والمعنى الثاني : هو أن يعطي مالاً في سلعة إلى أجل معلوم بزيادة في السعر الموجود عند السلف ؛ وذلك منفعة للمسلف، ويقال له سلم دون الأول ؛ وفي الحديث ( أنه استسلف من أعرابي بَكْراً ؛ أي : استقرض )( ٣١).
وقيل : السَلَف بفتحتين هو : السلم وزناً ومعنىً، قيل هو لغة أهل العراق، والسلف لغة أهل الحجاز.
وعن أبي هريرة رضى الله عنه عن النبي ﷺ قال :( من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدّ الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله تعالى ) ( ٣٢)
والتعبير بأخذ أموال الناس يشمل أخذها بالاستدانة، وأخذها لحفظها، والمراد من إرادته التأدية : قضاؤها في الدنيا، وتأدية الله تعالى عنه يشمل تيسيره لقضائها في الدنيا، بأن يسوق إلى المستدين ما يقضي به دينه، وقضاؤها في الآخرة : بإرضائه غريمه بما شاء الله تعالى....
وقوله :( يريد إتلافها ) : الظاهر أنه من يأخذها بالاستدانة فعلاً، لا لحاجة، ولا لتجارة، بل لا يريد إلا إتلاف ما أخذ على صاحبه ولا ينوي قضاءها.
وقوله ( أتلفه الله ) : الظاهر إتلاف الشخص نفسه في الدنيا بإهلاكه، وهو يشمل ذلك ويشمل إتلاف طيب عيشه، وتضييق أموره، وتعسر مطالبه، ومحق بركته، ويحتمل إتلافه في الآخرة _ بتعذيبه :(٣٣).
وقد يلحظ فرق آخر بين السلف والسلم ؛ ذاك أن ( السلف أعم، فالسلف : تقديم رأس المال، والسلم : تسليمه في المجلس ) ( ٣٤).
العينة :
هي في اللغة السلف، يقال : تعيَّن فلان من فلان عينه ؛ أي : تسلف، وقد فسر الفقهاء العينة بأن يبيع المرء شيئا من غيره بثمن مؤجل، ويسلمه إلى المشتري، ثم يشتريه بائعه قبل قبض الثمن بنقد حالٍ أقل من ذلك القدر.


الصفحة التالية
Icon