أي : دفعاً لفهم الوعد ؛ أي : واعدت أروى، والوعود تقضى.
فلما كان المجاز غير مراد في الآية، ذكر لفظ ( بدين ).
ويلمح الزركشى في ذكر ( بدين ) مَلْمَحاً آخر يقول فيه :( أما قوله تعالى :" يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين " فإنما ذكر قوله :(بدين ) مع ( تداينتم ) لوجوه :
أحدها : ليعود الضمير في ( فاكتبوه ) عليه ؛ إذ لو لم يذكره لقال : فاكتبوا الدين.
والثاني : أن تداينتم، مفاعلة من الدَّين بتشديد وفتح الدال، ومن الدِّين بتشديد وكسر الدال، فاحتيج إلى قوله :(بدَين ) ؛ ليبين أنه من ( الدَّين ) لا من ( الدِّين ).
وهذا أيضا فيه نظر ؛ لأن السياق يرشد إلى التداين.
الثالث : أن قوله ( بدين ) إشارة إلى امتناع بيع الدين، بالدين كما فسره قوله _ ﷺ _ ( هو بيع الكالئ بالكالئ )، وبيانه : أن قوله تعالى :( تداينتم ) مفاعلة من الطرفين يقتضي وجود الدين من الجهتين، فلما قال ( بدين) عُلم أنه دين واحد من الجهتين.
الرابع : أنه أتى به ليفيد أن الإشهاد مطلوب سواء كان الدين صغيراً أو كبيراً، كما سبق نظيره في قوله تعالى :( فإن كانتا اثنتين )، ويدل على هذا ههنا قوله بعد ذلك :( ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله ).
الخامس : أن ( تداينتم ) مشترك بين الاقتراض والمبايعة والمجازاة، وذكر الدين لتمييز المراد (٦٠ ).
وهذا الجار والمجرور ( بدين ) يعدُّ قيداً آخر، وعقبة أخرى أمام انتشار هذا الضرب من المعاملات ؛ لأنه يفيد العموم، ومعنى أن كل دين ينبغي فيه الكتابة ؛ فإنه تضييق لهذا الباب، وإلجاء إلى البيع الناجز الذي لا يتبقى فيه شيء في ذمة أحد، والإسلام حريص على صفاء النفوس من كل شاغل.
بلاغة وصف الأجل بـ ( مسمى)


الصفحة التالية
Icon