يرى الطاهر بن عاشور -رحمه الله - أن في كلمة ( مسمى ) استعارة تصريحية ؛ حيث يقول :( المسمى : حقيقته المميز باسم - يميزه عما يشابهه في جنسه أو نوعه... والمسمى هنا مستعار للمُعَيَّن المحدود، وإنما يقصد تحديده بنهاية من الأزمان المعلومة عند الناس، فشبه ذلك بالتحديد بوضع الاسم، بجامع التعيين ؛ إذ لا يمكن تمييزه عن أمثاله إلا بذلك، فأطلق عليه لفظ التسمية، ومنه قول الفقهاء : المهر المسمى ؛ فالمعنى : أجل معين بنهايته ) ( ٦٢ ).
ولعل هذه الاستعارة تعيدنا إلى بيان النبي -صلى الله عليه وسلم - في تحديد الأجل ؛ حيث استعمل لفظاً آخر، ففي الحديث الصحيح :( من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم ).
ولا شك أن كلمة ( معلوم ) مع موافقتها لما سبق في تحديد الأجل، إلا أن لفظ ( مسمى ) أكثر إيضاحاً ؛ لأن العلم قد يتحصل عن غير نطق وتصريح، لكن الأجل المسمى لا يقال له ( مسمى) إلا إذا صُرِّح به لفظاً وكتابة أيضاً ؛ فتسمية الأجل أكثر جلاءً من مجرد العلم به، وهذا يشير إلى أن هذه المعاملات ينبغي أن تقوم على الشفافية والتصريح ؛ حتى لا يتلاعب الشيطان بالعقول والقلوب.
أضف إلى هذا : أن ( المعلوم ) قد يكون على العموم، كما في نحو البيع بالأجل إلى الحصاد، أو دخول الشتاء، أو انتهاء الصيف.
أما المسمى، فإنه معلوم باليوم، والشهر، والساعة، وهذا يتناغم مع دلالة ( إلى ) السابقة، ثم إن الأجل في القرآن الكريم لم يوصف قط بلفظ ( معلوم )، لكنه وصف بكلمة ( مسمى ) وذلك كما في قوله تعالى :( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمّىً عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ) (الأنعام: ٢


الصفحة التالية
Icon