وكأن القرآن الكريم أريد في بدايته ترسيخ جل هذه الأمور ؛ حتى تستقر في القلوب من أول وهلة، فلا يفتح المسلم كتاب الله تعالى، ويستفتح بالفاتحة، ثم يردفها بالبقرة إلا ويجد هذا التفصيل للأمور التي تدور في خلده - من عقيدة، وشريعة، ومعاملات ؛ فجاء موقع السورة متناغماً مع حال المؤمن الذي امتلأت السورة بالإشارة إليه والحديث معه.
فبعد انفتاح النفوس بالفاتحة، واستشرافها إلى الوحي السماوي، تأتي سورة البقرة لتكون الجرعة الأولى من الدواء الشافي لكل داء، تماما ً كما يعطى المريض أول جرعة، وغالباً ما تكون هي أكبر الجرعات وأكثرها تركيزا، ثم تقل حتى تكون أصغر شيء ؛ وهذا ما حدث في القرآن الكريم
********
ثانياً : المقاصد الكلية داخل سورة البقرة
يقول الشيخ دراز- رحمه الله - ما خلاصته :( إن هذه السورة على طولها تتألف وحدتها من مقدمة، وأربعة مقاصد، وخاتمة :
المقدمة من الآية ١ _ ٢٠ في التعريف بشأن هذا القرآن وبيان أن ما فيه من هداية قد بلغ من الوضوح مبلغا لا يتردد فيه ذو قلب سليم، وإنما يُعرض عنه مَن لا قلب له، أو من كان في قلبه مرض.
المقصد الأول : دعوة الناس كافة إلى اعتناق الإسلام من الآية ( ٢١ _ ٤٠ ).
المقصد الثاني : في دعوة أهل الكتاب دعوة خاصة إلى ترك باطلهم، والدخول في هذا الدين الحق من ( ٤٠ _ ١٦٢ ).
المقصد الثالث : في عرض شرائع الدين الإسلامي مفصلاً من ( ١٦٣ _ ٢٨٣ ).
المقصد الرابع : آية واحدة، وفيها الوازع الديني الباعث على ملازمة الشرائع، والعاصم من مخالفتها، وهى الآية رقم ( ٢٨٤ ).
ثم الخاتمة : في التعريف بالذين استجابوا، وما أعد لهم من ( ٢٨٥ _ ٢٨٦ ). ( ٥ )
ويقول أستاذي محمود توفيق سعد_ حفظه الله _ ( الذي أذهب إليه أن تقسيم العلاّمة دراز أفضل من تقسيمات أخرى إلا أنني أميل إلى أن السورة مكونة من مقدمة وقسمين كبيرين وخاتمة.


الصفحة التالية
Icon