وقالوا : المعروف أنه لا يجيء شيء من الصفات والأعراض إلا بمجيء شيء فإذا قالوا : جاء البرد أو جاء الحر فقد جاء الهواء الذي يحمل الحر والبرد وهو عين قائمة بنفسها. وإذا قالوا : جاءت الحمى فالحمى حر أو برد تقوم بعين قائمة بسبب أخلاط تتحرك وتتحول من حال إلى حال فيحدث الحر والبرد بذلك وهذا بخلاف العرض الذي يحدث بلا تحول من حامل مثل لون الفاكهة فإنه لا يقال في هذا : جاءت الحمرة والصفرة والخضرة بل يقال : أحمر وأصفر وأخضر.
وإذا كان كذلك فإنزاله تعالى العدل والسكينة والنعاس والأمانة - وهذه صفات تقوم بالعباد - إنما تكون إذا أفضى بها إليهم فالأعيان القائمة توصف بالنزول كما توصف الملائكة بالنزول بالوحي والقرآن فإذا نزل بها الملائكة قيل إنها نزلت. وكذلك لو نزل غير الملائكة كالهواء الذي نزل بالأسباب فيحدث الله منه البخار الذي يكون منه النعاس فكان قد أنزل النعاس سبحانه بإنزال ما يحمله.
وقد ذكر سبحانه إنزال الحديد والحديد يخلق في المعادن. وما يذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما أن آدم عليه السلام نزل من الجنة ومعه خمسة أشياء من حديد السندان والكلبتان والمنقعة والمطرقة والإبرة فهو كذب لا يثبت مثله.
وكذلك الحديث الذي رواه الثعلبي عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي ﷺ ﴿ أن الله أنزل أربع بركات من السماء إلى الأرض فأنزل الحديد والماء والنار والملح ﴾ حديث موضوع مكذوب في إسناده سيف بن محمد ابن أخت سفيان الثوري رحمه الله وهو من الكذابين المعروفين بالكذب.
قال ابن الجوزي : هو سيف بن محمد ابن أخت سفيان الثوري يروي عن الثوري وعاصم الأحول والأعمش قال أحمد رحمه الله هو كذاب يضع الحديث وقال مرة : ليس بشيء وقال يحيى : كان كذابا خبيثا وقال مرة ليس بثقة وقال أبو داود كذاب وقال زكريا الساجي يضع الحديث وقال النسائي : ليس بثقة ولا مأمون وقال الدارقطني ضعيف متروك.


الصفحة التالية
Icon