المبحث الثاني : الأدلة على صدق القرآن و ما فيه
أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ( ﷺ ) :« ما من الأنبياء نبي إلا أعطى ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا » (٣٩٢).
(قال العلماء : معناه أن معجزات الأنبياء انقرضت بانقراض أعصارهم، فلم يشاهدها إلا من حضرها، ومعجزة القرآن مستمرة إلى يوم القيامة، وخرقه العادة في أسلوبه وبلاغته وإخباره بالمغيبات، فلا يمر عصر من الأعاصير إلا ويظهر فيه شيء مما أخبر أنه سيكون، مما يدل على صحة دعواه، وقيل : المعنى أن المعجزات الماضية كانت حسية ؛ تشاهد بالأبصار، كناقة صالح، وعصا موسى، ومعجزة القرآن تشاهد بالبصيرة ؛ فيكون من يتبعه لأجلها أكثر ؛ لأن الذي يشاهد بعين الرأس ينقرض بانقراض مشاهده، والذي يشاهد بعين العقل باق يشاهده كل من جاء بعد الأول مستمرا. قال الحافظ ابن حجر : ويمكن نظم القولين في كلام واحد ؛ فإن محصلهما لا ينافى بعضه بعضا)(٣٩٣).
وفي هذا المبحث عدة مطالب كلها تدل على صدق القرآن وصحة ما فيه :
--------------------------------------------------------------------------------
(٣٩٢) متفق عليه (البخاري: كتاب فضائل القرآن، باب كيف نزل الوحي وأول ما أنزل، رقم : ٤٦٩٦، ومسلم : كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد ( ﷺ )، رقم : ١٥٢).
(٣٩٣) الخصائص الكبرى للإمام السيوطي (١/١٨٨)، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولي، ١٩٨٥.