وقد اعترض بعضهم على تواتر هذه القراءات بحجة أن الأسانيد إلى هؤلاء الأئمة القراء وأسانيدهم هم إلى النبى - ﷺ - هى آحاد ولا تبلغ حد التواتر.
ويجاب عن ذلك بان انحصار الأسانيد المذكورة فى طائفة لا يمنع مجئ القراءات عن غيرهم، وإنما نسبت القراءات إلى الأئمة ومن ذكر فى أسانيدهم، والأسانيد إليهم، لتصديهم لضبط الحروف وحفظ شيوخهم فيها، ومع كل واحد منهم فى طبقته ما يبلغها عدد التواتر ؛ لأن القرآن قد تلقاه من أهل كل بلد بقراءة إمامهم الجم الغفير عن مثلهم، وكذلك دائماً مع تلقى الأمة لقراءة كل منهم بالقبول.
قال السخاوى:
ولا يقدح فى تواتر القراءات السبع ([٣٤]) إذا أسندت من طريق الآحاد، كما لو قلت: أخبرنى فلان عن فلان أنه رأى مدينة سمرقند - مثلاً - وقد عُلم وجودها بطريق التواتر لم يقدح ذلك فيما سبق من العلم بها ا. هـ ([٣٥])
وهذا التواتر المذكور شامل للأصول والفرش وهذا هو الذى عليه المحققون. ([٣٦])
والمراد بالأصول الأحكام الكلية المطردة الجارية فى كل ما تحقق فيه شرط ذلك الحكم كالمد والقصر والإظهار والإدغام والإقلاب وغيرها، والمراد بالفرش ما يذكر فى السورة من كيفية قراءة كل كلمة قرآنية مختلف فيها بين القراء مع عزو كل قراءة إلى صاحبها، ويسمى فرش الحروف وسماه بعضهم بالفروع مقابلة للأصول وذلك كاختلافهم فى قراءة " يخدعون، ننسخ، ننشزها، فتبينوا" وهذا هو الذى يؤثر فى المعنى دون الأول.
السبب الداعى للاقتصار على القراء المشهورين
قال الدمياطى فى الإتحاف فى ذلك كلاماً نفيساً أنقله بنصه، قال: