قد بان لنا من خلال ما قررته القاعدة أن القراءة المتواترة لا يقدح فى قرآنيتها مخالفتها لقواعد النحو، إذ الأصل أن تمضى القاعدة مع ما قعّده القرآن.
ومع ذلك فقد بان لنا من خلال الأمثلة والنماذج المطروحة أن ما زعموه من مخالفة هذه القراءات لقواعد نحوية ليس كذلك، إذ لهذه القراءات وجوه فى العربية، وأصول ترجع إليها، وقد دعمنا هذه النتيجة بكلام العرب فى كل ما وجهنا به هذه القراءات المفترى عليها. والفضل فى ذلك يرجع إلى علمائنا الأفذاذ المخلصين لربهم ودينهم الذين ذادوا عن حياض القرآن كل فرية ودفعوا عنه كل شبهة.
لكن وردت بعض روايات مسندة إلى السيدة عائشة - رضى الله عنها - والى عثمان - رضى الله عنه -، والى سعيد بن جبير، تفيد هذه الروايات أن فى القرآن المتواتر الذى نتعبد الله به لحناً هو من تصرف كتاب الوحى، ومع ذلك فقد تلقته الأمة بالقبول على ما فيه من لحن ظاهر باعتراف أفاضل الصحابة، وهذه هى الآثار التى وردت فى ذلك:
١- أخرج أبو عبيد فى فضائل القرآن عن أبى معاوية عن هشام بن عروة عن ابيه قال: سألت عائشة عن لحن القرآن عن قوله تعالى ((إنّ هذان لساحران))( ) وعن قوله تعالى: ((والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة))( ) وعن قوله تعالى: ((إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون))( ) فقالت: يا ابن أختى، هذا عمل الكتاب أخطأوا فى الكتاب ا. هـ( )
أى أن هذا الخطأ هو من عمل كتاب الوحى أثناء كتابة هذه الآيات، جاء فى الإتقان للسيوطى: هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.( )
٢- وأخرج أبو عبيد أيضاً عن عثمان - رضى الله عنه - أنه لما كتبت المصاحف عرضت عليه، فوجد فيها حروفاً من اللحن فقال: لا تغيروها، فإن العرب ستغيرها - أو قال - ستعربها بألسنتها.
٣- وعن سعيد بن جبير أنه كان يقرأ (والمقيمين الصلاة) ويقول: هو من لحن الكتاب.
الرد على الشبهة
نحن هنا أمام شبهة من وجهين: