ويذكر السيوطى أن قول عثمان - إن صح - فإنما ينصرف إلى كلمات كتبت على هيئة مخصوصة، ورسم معين يخالف النطق مثل (لا اذبحنه) فى سورة النمل (آية: ٢١)، ومثل (بأييد) فى سورة الذاريات (آية: ٤٧) فإنها كتبت بياءين.
يقول السيوطى: فلو قرئ ذلك بظاهر الخط لكان لحناً.( ) فهذا معنى قول عثمان - رضى الله عنه - إن به لحناً ستقيمه العرب بألسنتها، فهو أشبه بالتنبيه إلى ضرورة أن يؤخذ القرآن الكريم عن طريق التلقين والمشافهة، بواسطة شيخ، وألا يكون الاعتماد فقط على كتابة المصحف، فإنه كتب على هيئة مخصوصة تخالف النطق فى أكثر الأحيان.
ثانياً: ما يتعلق بالآيات التى وردت فى الروايات وتوجيهها
الآية الأولى:
قال تعالى: ((إنّ هذان لساحران)) بتشديد نون "إنّ" وهى قراءة أهل المدينة والكوفة، وهى قراءة سبعية متواترة عن الأئمة.( )
وقال الطبرى: هى قراءة عامة الأمصار( )
قال بعض النحاة فى - جراءة -: هذه القراءة خالفت القاعدة فى نصب "إن" ولا شك أن هذا من اللحن.
الرد عليهم:
يرد على القائلين بذلك بأن القراءة متواترة فلا يجوز ردها ولا تضعيفها بوجه من وجوه النحو لها فى غيره محمل، فمن المقرر أن من ضوابط قبول القراءة موافقة اللغة العربية ولو بوجه، ولا يشترط الموافقة من جميع الوجوه. وقد سبق تقرير ذلك.
وفيما يتعلق بهذه القراءة التى معنا وجهت بما يلى:
١- قيل: إنها وافقت لغة بنى الحرث بن كعب وزبيد وخثعم وكنانة بن زيد، فإن الألف عندهم تلزم المثنى رفعاً، ونصباً وجراً، فيقولون : جاء الزيدان، ورأيت الزيدان، ومررت بالزيدان.
وجاء فى الشعر:
وأن أباها وأبا أباها
قد بلغا فى المجد غايتاها
وعلى القاعدة المعروفة : أبا أبيها، وغايتيها.
وجاء أيضاً:
فأطرق إطراق الشجاع ولو يرى
مساقا لناباه الشجاع لصمما( )
وهذا الوجه من أقوى الوجوه التى تحمل عليها القراءة.
٢- وقيل: إن "إن" حرف جواب بمعنى نعم، وعليه فما بعدها مبتدأ وخبر.( )