وهذا التوجيه هو الذى عارضه البصريون وعارضوا القراءة وردوها لأجله ؛ لأنها تخالف ما هو مقرر عندهم من عدم جواز عطف الاسم الظاهر على الضمير المجرور بدون إعادة حرف الجر، وحجتهم فى ذلك أن الضمير فى الكلمة جزء منها، فكيف يعطف على جزء من الكلمة ؟ وشبهوه بالتنوين وقالوا: كما لا يعطف على التنوين فإنه لا يعطف على الضمير المجرور بدون إعادة الجار.
مناقشة هذا الرأى:
هذا الذى ذهب إليه البصريون فى رد قراءة حمزة (والأرحامِ) ردوا به أيضاً تخريج عطف (المسجدِ) على الضمير المجرور فى قوله (به) وذلك فى قوله سبحانه: ((وكفر به والمسجدِ الحرام))( )
هنا ناقش السمين الحلبى هذه القاعدة مناقشة علمية متأنية أنقل هنا أكثر ما قاله لتتم الفائدة، قال السمين: اختلف النحاة فى العطف على الضمير المجرور على ثلاثة مذاهب:
أحدهما: وهو مذهب الجمهور من البصريين: وجوب إعادة الجار إلا فى ضرورة.
الثانى: أنه يجوز ذلك فى السعة مطلقاً وهو مذهب الكوفيين وتبعهم أبو الحسن ويونس والشلوبيون.
والثالث: التفصيل، وهو إن أكد الضمير جاز العطف من غير إعادة الخافض نحو: "مررت بك نفسك وزيد" وإلا فلا يجوز إلا لضرورة. وهو قول الجَرْمى.
وبعد أن ذكر السمين هذه الآراء حول العطف على الضمير المجرور علق بعد ذلك بقوله:
والذى ينبغى أنه يجوز مطلقاً - للأسباب الآتية:
أ- كثرة السماع الوارد به. ب- ضعف دليل المانعين.
ج- اعتضاد ذلك القياس.
قال: أم السماع: ففى النثر كقولهم: "ما فيه غيره وفرسِه" بجر "فرسه" عطفاً على الهاء فى غيره. ومنه قوله تعالى: ((ومن لستم له برازقين))( ) و "من" عطف على "لكم" فى قوله تعالى فى الآية نفسها: ((لكم فيها معايش)).