فصلٌ " وقد تذكر صورة القياس وليس بقياس دلالةٍ كقوله تعالى: (فوربِّ السماءِ والأرضِ إنهُ لحقٌ مثل ما أنكُم تنطقون) فالحكم المقيس عليه أمرٌ وجودي: وهو النطقُ والذي وعدهم به هو الحياة بعد الموت، والبعث بعد الدفن، وهو أمرٌ معدومٌ وليس بينه وبين النطق مناسبةٌ، ومجرد وجود حقيقةِ شيءٍ لا يدلُّ على وجود حقيقةٍ أخرى، فعند ذلك يعلم أنه ما أراد إلا تحقيق الوعد بإيجاد على وجهٍ لا يشكُّ فيه كوجود النطق، كقول النبي: (" إنكمُ لترونَ ربَّكم كما ترونَ هذا القمرَ لا تضامونَ في رؤيتِهِ " ومعلومٌ أنه ما أراد أن رؤية القمر مقتضيةٌ لرؤية الله تعالى، بل أراد أنه كائن كوجود هذا القمر ورؤيته، ولو قيل: فإن فيه شبهة اقتضت القياس على النطق صح من جهة أن الكلام يغور ويعود، فهو كالميت له غيبةٌ بالدفنِ والبِلَى ثم حضورٌ بالبعثِ فعلى هذا قياسُ الشبه صحيحٌ.
" فصلٌ " ومثال قياس الشبه قوله تعالى:) يا بني آدمَ لا يفتننكُم