شيئا فيقول سبحانه أو كظلمات جمع ظلمة في بحر عميق لا يدرك له مقر ويعلو ذلك البحر اللجي موج ومن فوق الموج موج ثم بعد ذلك أي فوق الموج الثاني سحاب فيجتمع فوق الموج وفوق الريح وفوق السحاب ثم يقول سبحانه ﴿ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ﴾ والمراد بهذه الظلمات ظلمة السحاب وظلمة الموج وظلمة الليل وظلمة البحر فلا يبصر من كان في هذه الظلمات شيئا ولا كوكبا وإذا أخرج الناظر يده لم يكد يراها من شدة الظلمة.
ويختم سبحانه هذه الآية بقوله ﴿وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ﴾ أي من لم يجعل الله له نوراً يهتدي به إذا أظلمت عليه الأمور فما له من نور١.
الشرح العلمي:
في هذه الآية إشارة إلى الأمواج الداخلية والسطحية (فأضخم أمواج المحيط وأشدها رعبا هي أمواج غير منظورة تتحرك في خطوط سيرها الغامضة بعيدا في أعماق البحرِ وقد كان من المعروف منذ سنين كثيرة أن سفن البعثات إلى القطب الشمالي كانت تشق طريقها بكل صعوبة فيما كان يسمى ((بالماء الميت)) والذي عرف الآن أنه أمواج داخلية. وفى أوائل عام ١٩٠٠ م لفت الأنظار كثيراً من مساحي البحار الاسكندنافيين إلى وجود أمواج تحت سطح الماء، والآن بالرغم من أن الغموض لا يزال يكتنف أسباب تكوين هذه الأمواج العظيمة التي ترتفع وتهبط بعيدا أسفل السطح فإن حدوثها على نطاق واسع في المحيط قد أصبح أمرا معروفا جدا فهي تقذف بالغواصات في المياه العميقة كما تعمل شقيقاتها السطحية على قذف السفن، ويظهر أن هذه الأمواج تنكسر عند التقائها بتيار الخليج وبتيارات أخرى قوية في بحر عميق فالآية القرآنية تقول ﴿يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ﴾ إشارة إلى الأمواج الداخلية والسطحية ويؤيد هذا ما وصفه القرآن للبحر بأنه (البحر) أي كثير الماء عميقة وفي هذا إشارة إلى المحيطات وليس الشواطئ والجدير بالذكر أن هذه المواضع يقل فيها وهيج الشمس فما بالك باجتماع السحاب الذي تكثر فيه الظلمة ويصبح الواقع.
﴿إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا﴾. فهذه الآية لا علاقة لها بالوسط الجغرافي للبيئة التي نزل فيها القران فلو افترضنا أن محمدا ﷺ رأى في شبابه منظر البحر الأحمر فلن يعدو رؤية شواطئ البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط وهي لا ينطبق عليها ما وصفه القرآن كل ذلك يعطينا دليلاً واضحا على أن القرآن وحي إلهي٢.
٢ روح الدين الإسلامي ص ٥٨.