ومما يثبت أن القرآن الكريم يميل إلى اختيار الألفاظ القليلة ذات المعاني والدلالات الكثيرة، أننا نجد قصة قصيرة بليغة مركزة على قوم عاد في الآيات (١٨-٢٠) من سورة القمر كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر ١٨ إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر ١٩ تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر ٢٠ ﷺ القمر: ١٨ - ٢٠}، فهذه الآيات القصيرة تحدثنا عن تكذيب قوم عاد، والعذاب الذي حل بهم نتيجة لتكذيبهم والذي لم يبق على أحد جزاء وفاقا. وقد نستغرب احتجاج الملائكة بأن نسل آدم سيفسدون في الأرض، ويسفكون الدماء وهذا الأمر ما زال في علم الغيب في ذلك الوقت عندما أخبرهم الله - سبحانه وتعالى - أنه سيجعل آدم خليفة له في الأرض، كما اتضح ذلك من قوله تعالى: وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون ٣٠ ﷺ البقرة: ٣٠} ولعل في ذكرهم لسفك الدماء ما يتصل بصلة وشيجة بالدم المسفوك في قصة البقرة، ولذلك ذكرت هذه الجزئية من قصة آدم في هذه السورة فقط. وهذا ما تحقق بالفعل عندما قتل قابيل أخاه كما حدثتنا عن ذلك سورة المائدة.