ب ) عن طريق التفكير والتأمل : فالقصص القرآني لا يخلو من محاورات فكرية ينتصر فيه الحق، ويصبح مرموقًا محفوفًا بالحوادث والنتائج التي تثبت صحته، وعظمته في النفس وأثره في المجتمع، وتأييد الله له. ففي قصة يوسف نجد حوارًا يدور بينه وبين فتيين عاشا معه في السجن فدعاهما إلى توحيد الله. وقصة نوح كلها حوار بين الحق والباطل، وكذلك قصة شعيب، وصالح وسائر الرسل : حوار منطقي مدعوم بالحجة والبرهان يتخلل القصة، ثم تدور الدوائر على أهل الباطل ويظهر الله الحق منتصرًا في نتيجة القصة، أو يهلك الباطل وأهله، فيتظاهر الإقناع العقلي المنطقي والإثارة الوجدانية، والإيحاء وحب البطولة ( الاستهواء ) والدافع الفطري إلى حب القوة وتقليد الأقوياء، تتظاهر كل هذه العوامل وتتضافر، يؤيدها التكرار مرة بعد مرة، فما أكثر تكرار بعض قصص القرآن حتى تؤدي بمجموعها إلى تربية التصور الرباني للحياة وللعقيدة واليوم الآخر وإلى معرفة كل جوانب الشريعة الإلهية معرفة إجمالية وإلى تربية العواطف الربانية من حب في الله، وكراهية للكفر وحماسة لدين الله ولحماته، ولرسل الله، وولاء الله وانضواء تحت لوائه، وإلى السلوك المستقيم وفق شريعة الله، والتعامل حسب أوامره، وبهذا تحيط القصة القرآنية نفس الناشئ بالتربية الربانية من جميع جوانبها العقلية والوجدانية والسلوكية.
أغراض القصة القرآنية(١٢):
ليست القصة القرآنية عملاً فنيًا مطلقًا مجردًا عن الأغراض التوجيهية، إنما هي وسيلة من وسائل القرآن الكثيرة إلى تحقيق أغراضه الدينية الربانية، فهي إحدى الوسائل لإبلاغ الدعوة الإسلامية وتثبيتها.


الصفحة التالية
Icon