ولعل صاحب الرسالة درس فن القصة في الأدب، وأدرك من عناصرها الأساسية الخيال الذي يعتمد على التصوير، وأنه كلما ارتقى خيالها ونأى عن الواقع كثر الشوق إليها، ورغبت النفس فيها، واستمتعت بقرائتها. ثم قاس القصص القرآني على القصة الأدبية.
وليس القرآن كذلك فإنه تنزيل من عليم حكيم، ولا يرد في أخباره إلا مايكون موافقًا للواقع، وإذا كان الفضلاء من الناس يتورعون من أن يقولوا زورًا ويعدونه من أقبل الرذائل المزرية بالإنسانية، فكيف يسوغ العاقل أن يلصق الزور بكلام ذي العزة والجلال ؟ والله تعالى هو الحق :(ذلك بأن الله هو الحق وأنما بدعون من دونه هو الباطل ( [الحج: ٦٢].
وأرسل رسوله بالحق :( إنا أرسلناك بالحق بشيرًا ونذيرًا( [فاطر: ٢٤].
( والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق ( [فاطر: ٣١].
( يا أيها الناس قد جائكم الرسول بالحق من ربكم ( [النساء: ١٧].
( وأنزلنا إليك الكتاب بالحق ( [المائدة: ٤٨].
(والذي أنزل إليك من ربك الحق ( [الرعد: ١].
وما قصه الله تعالى في القرآن هو الحق :( نحن نقص عليك نبأهم بالحق ( [الكهف: ١٣].
(نتلوا عليك من نبأ موسى وفرعون بالحق ( [القصص: ٣] (١٠).
* * *
التربية بالقصص القرآني:
للقصة في التربية الإسلامية وظيفة تربوية لا يحققها لون آخر من ألوان الأداء اللغوي.
ذلك أن القصة القرآنية تمتاز بميزات جعلت لها آثارًا نفسية وتربوية بليغة، محكمة، بعيدة المدى على مر الزمن، مع ما تثيره من حرارة العاطفة ومن حيوية وحركية في النفس، تدفع الإنسان إلى تغيير سلوكه وتجديد عزيمته بحسب مقتضى القصة وتوجييها وخاتمتها، والعِبرَةِ منها. وتتجلى أهم هذه الميزات فيما يلي(١١):
الميزات التربوية للقصص القرآني:
١) تشد القصة القارئ، وتوقظ انتباهه، دون توان أو تراخٍ، فتجعله دائم التأمل في معانيها والتتبع لمواقفها، والتأثر بشخصياتها وموضوعها حتى آخر كلمة فيها.


الصفحة التالية
Icon