مِنْ عِبادِنا، وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ، صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ. أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ.
٩ - ومن هذا العرض الإجمالى لآيات سورة الشورى. نراها زاخرة بالحديث عن الأدلة على وحدانية اللّه - تعالى - وقدرته، وعلى صدق الرسول - ﷺ - فيما يبلغه عن ربه، وعلى أن هذا القرآن من عند اللّه - تعالى -.
كما نراها زاخرة - أيضا - بالحديث عن نعم اللّه على عباده، وعن حسن عاقبة المؤمنين، وسوء عاقبة المكذبين وعن مشاهد يوم القيامة وما فيه من أهوال. وعن شبهات المشركين والرد عليها بما يدحضها. (١)
في السورة حملة على المشركين وإفحام لهم في سياق مواقف ومشاهد حجاجية وجدلية. وتقرير لوحدة المنبع والمبادئ بين الدعوة المحمدية ودعوة الأنبياء السابقين وتعليل اختلاف أهل الكتاب وعزوه إلى البغي والهوى ونفي كونه من أصل طبيعة الدعوة الربانية وتثبيت للنبي - ﷺ - في دعوته وموقفه. وتنويه بأخلاق المؤمنين وتوجيههم إلى خير سبل الحق والعدل والكرامة والقوة وتنويه بمصيرهم ومصير الكافرين ولفت نظر إلى بعض مشاهد قدرة اللّه وعظمته وشمول حكمه ومشيئته، وبيان لطرق اتصال اللّه بأنبيائه.
وخاتمة السورة متصلة بمطلعها كما أن فصولها مترابطة مما يسوغ القول أنها نزلت دفعة واحدة أو متتابعة، وقد ذكر المصحف الذي اعتمدناه أن الآيات [٢٣ - ٢٥] مدنيات، وسياقها وأسلوبها يسوغان الشك في ذلك. (٢)
سورة الشورى مكيّة، وهي ثلاث وخمسون آية.
تسميّتها : سميت (سورة الشورى) لوصف المؤمنين فيها بالتشاور في أمورهم :
وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ [٣٨] ولأن الشورى في الإسلام قاعدة النظام السياسي والاجتماعي بل والخاص في الحياة، لما لها من مكانة، وأهمية بالغة في تحقيق المصلحة والغاية الناجحة، ولأن الاستبداد يؤدي دائما إلى أوخم العواقب :
رأي الجماعة لا تشقى البلاد به على الدوام ورأي الفرد يشقيها «
مناسبتها لما قبلها :
تظهر مناسبة هذه السورة لما قبلها فيما يلي :

(١) - التفسير الوسيط للقرآن الكريم-موافق للمطبوع - (١٣ / ٧)
(٢) - التفسير الحديث لدروزة- موافق للمطبوع - (٤ / ٤٣٥)


الصفحة التالية
Icon