بدئت السورة ببيان تاريخ بدء إنزال القرآن في ليلة القدر من رمضان، رحمة من اللَّه بعباده، وأن منزله هو مالك الكون كله والمخلوقات جميعها، وأنه هو الإله الحقّ الواحد الذي لا شريك له، غير أن المشركين في شكّ وارتياب من أمر القرآن.
ثم أعدتهم بالعذاب الشديد، وبالدّخان المخيف الذي ينذرهم بأسوأ العواقب، ولكنهم مع ذلك لم يؤمنوا.
وأردفت ما سبق بعظتهم بقصة فرعون وقومه مع موسى عليه السّلام، حيث نجّى اللَّه المؤمنين، وأغرق الكافرين في البحر.
ثم وصفت مشركي مكة بأنهم قوم منكرون للبعث في قوله تعالى : إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولى، وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ [٣٥]، وهدّدتهم بالإهلاك كما أهلك المجرمين الأشدّاء من قبلهم، مثل قوم تبّع الحميري، مع إيراد الدّليل على قدرة اللَّه عزّ وجلّ على كلّ شيء.
ثمّ وصفت لهم أهوال يوم القيامة وما فيه من الحساب والعقاب وطعام الزّقوم في نار جهنم وغير ذلك مما يرهب ويرعب، ويثير المخاوف الشّديدة في النّفوس.
وختمت السّورة بنعت وبيان مصير الأبرار ومصير الفجّار، لترغيب الفريق الأول وتبشيره بالعاقبة الحميدة، وترهيب الفريق الثاني وإنذاره بالنّكال والعذاب الشّديد. (١)
سورة الدخان مكية باتفاق، وهي سبع وخمسون آية. وتشمل على بيان عظمة القرآن، وتهديد المشركين. وضرب الأمثال لهم بفرعون وقومه ونهايته، ثم إثبات البعث ومناقشتهم فيه، وبيان بعض أحواله الخاصة بالكفار والمؤمنين. ثم ختمت كما بدئت بالكلام على القرآن. (٢)
مكية كما روي عن ابن عباس وابن الزبير رضي اللّه تعالى عنهم واستثنى بعض قوله تعالى : إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عائِدُونَ [الدخان : ١٥] وآيها كما قال الداني تسع وخمسون في الكوفي وسبع في البصري وست في عدد الباقين. واختلافها على ما في مجمع البيان أربع آيات حم [الدخان : ١] وإِنَّ هؤُلاءِ لَيَقُولُونَ [الدخان :
٣٤] كوفي شَجَرَةَ الزَّقُّومِ [الدخان : ٤٣] عراقي شامي والمدني الأول في الْبُطُونِ [الدخان : ٤٥] عراقي مكي والمدني الأخير. ووجه مناسبتها لما قبلها أنه عزّ وجلّ ختم ما قبل بالوعيد والتهديد وافتتح هذه بشيء من الإنذار الشديد وذكر سبحانه هناك قول الرسول - ﷺ - : يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ

(١) - التفسير المنير ـ موافقا للمطبوع - (٢٥ / ٢٠٢) و تفسير الشيخ المراغى ـ موافقا للمطبوع - (٢٥ / ١١٨)
(٢) - التفسير الواضح ـ موافقا للمطبوع - (٣ / ٤١٠)


الصفحة التالية
Icon