وحين يرد على من يحسبون وهم يجترحون السيئات أنهم عند اللّه كالمؤمنين الذين يعملون الصالحات، فيقول :«وَخَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ، وَلِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ»..
والسورة كلها وحدة في علاج موضوعها ولكننا قسمناها إلى درسين اثنين لتيسير عرضها وتفصيلها.
وهي تبدأ بالأحرف المقطعة :«حا. ميم». والإشارة إلى القرآن الكريم :«تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ».. وتختم بحمد اللّه وربوبيته المطلقة، وتمجيده وتعظيمه، إزاء أولئك الذين يغفلون عن آياته ويستهزئون بها ويستكبرون عنها :«فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّماواتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعالَمِينَ. وَلَهُ الْكِبْرِياءُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ»..
ويسير سياق السورة في عرض موضوعها في يسر وهوادة وإيضاح هادى ء، وبيان دقيق عميق. على غير ما يسير سياق سورة الدخان قبلها في إيقاع عنيف كأنه مطارق تقرع القلوب.
واللّه خالق القلوب، ومنزل هذا القرآن، يأخذ القلوب تارة بالقرع والطرق. وتارة باللمس الناعم الرفيق، وتارة بالبيان الهادئ الرقيق. حسب تنوعها هي واختلافها. وحسب تنوع حالاتها ومواقفها في ذاتها. وهو اللطيف الخبير. وهو العزيز الحكيم.. (١)
خلاصة ما حوته هذه السورة الكريمة من الأغراض والمقاصد
(١) إقامة الأدلة على وجود الخالق سبحانه.
(٢) وعيد من كذب بآياته واستكبر عن سماعها.
(٣) طلب العفو من المؤمنين عن زلات الكافرين.
(٤) الامتنان على بنى إسرائيل بما آتاهم من النعم الروحية والمادية.
(٥) أمر رسوله ألا يطيع المشركين ولا يتبع أهواءهم.
(٦) التعجب من حال المشركين الذين أضلهم اللّه على علم.
(٧) إنكار المشركين للبعث.
(٨) ذكر أهوال العرض والحساب، وشهادة صحائف الأعمال على الإنسان.
(٩) حلول العذاب بالمشركين بعد أن تتبين لهم قبائح أعمالهم.
(١٠) ثناء المولى سبحانه على نفسه وإثبات الكبرياء والعظمة له. (٢)
==================

(١) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (٥ / ٣٢١٩)
(٢) - تفسير الشيخ المراغى ـ موافقا للمطبوع - (٢٥ / ١٦٨)


الصفحة التالية
Icon