النصر مرتب على القتال، وفي كل من ذكر المؤمنين المخلصين والمنافقين والمشركين ما فيه، وقد ذكر أيضا في الأول الأمر بالاستغفار وذكر هنا وقوع المغفرة، وذكرت الكلمة الطيبة هناك بلفظها الشريف وكني عنها بكلمة التقوى بناء على أشهر الأقوال فيها، وستعرفها إن شاء اللّه تعالى إلى غير ذلك. وفي البحر وجه مناسبتها لما قبلها أنه لما تقدم وَإِنْ تَتَوَلَّوْا [محمد : ٣٨] الآية وهو خطاب لكفار قريش أخبر سبحانه رسوله - ﷺ - بالفتح العظيم وأنه بهذا الفتح حصل الاستبدال وأمن كل من كان بمكة وصارت دار إيمان وفيه ما لا يخفى. وفي الأخبار السابقة ما يدل على جلالة قدرها. وفي حديث مجمع بن جارية الذي أخرجه عنه ابن سعد لما نزل بها جبريل عليه السلام قال : نهنيك يا رسول اللّه فلما هناه جبريل عليه السلام هناه المسلمون، ويحكى أنه من قرأها أول ليلة من رمضان حفظ ذلك العام ولم يثبت ذلك في خبر صحيح واللّه تعالى أعلم. (١)
* هذه السورة الكريمة مدنية، وهي تعنى بجانب التشريع شأن سائر السور المدنية التي تعالج الأسس التشريعية في المعاملات، والعبادات، والأخلاق، والتوجيه إلى مكارم الأخلاق.
* تحدثت السورة الكريمة عن (صلح الحديبية) الذي تم بين الرسول ( - ﷺ - ) وبين المشركين سنة ست من الهجرة، والذي كان بداية للفتح الأعظم " فتح مكة " وبه تم العز والنصر والتمكين للمؤمنين، ودخل الناس في دين الله أفواجا أفواجا [ إنا فتحنا لك فتحا مبينا.. ] الآيات.
* وتحدثت السورة عن جهاد المؤمنين، وعن (بيعة الرضوان ) التي بايع فيها الصحابة رضوان الله عليهم رسول الله ( - ﷺ - ) على الجهاد في سبيل الله حتى الموت، وكانت بيعة جليلة الشأن ولذلك باركها الله، ورضي عن أصحابها، وسجلها في كتابه العظيم، في سطور من نور [ لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة. ] الآية.
* وتحدثت عن الذين تخلفوا عن الخروج مع رسول الله ( - ﷺ - ) من الأعراب الذين في قلوبهم مرض، ومن لمنافقين الذين ظنوا الظنون السيئة برسول الله ( - ﷺ - ) وبالمؤمنين، فلم يخرجوا معهم، فجاءت الآيات تفضحهم وتكشف سرائرهم [ سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا.. ] الآيات.
* وتحدثت السورة عن الرؤيا التي رأها رسول الله ( - ﷺ - ) في منامه -في المدينة المنورة-وحدث بها أصحابه ففرحوا واستبشروا، وهي دخول الرسول ( - ﷺ - ) والمسلمين مكة آمنين مطمئنين، وقد