الجهد الموصول الثابت المطرد الضروري لهذا النمو. واحتاجت إلى العناية الساهرة، والصبر الطويل، والجهد البصير في التهذيب والتشذيب، والتوجيه والدفع، والتقوية والتثبيت. واحتاجت إلى معاناة التجارب الواقعية المريرة والابتلاءات الشاقة المضنية مع التوجيه لعبرة هذه التجارب والابتلاءات.. وفي هذا كله كانت تتمثل الرعاية الإلهية لهذه الجماعة المختارة - على علم - لحمل هذه الأمانة الكبرى وتحقيق مشيئة اللّه بها في الأرض. وذلك مع الفضائل الكامنة والاستعدادات المكنونة في ذلك الجيل وفي الظروف والأحوال المهيأة له على السواء.. وبهذا كله أشرقت تلك الومضة العجيبة في تاريخ البشرية ووجدت هذه الحقيقة التي تتراءى من بعيد وكأنها حلم مرفوف في قلب، أو رؤيا مجنحة في خيال! (١)
خلاصة ما تضمنته السورة الكريمة
مباحث هذه السورة قسمان : قسم بين النبي - ﷺ - وأمته، وقسم يخص أمته وهو إما ترك للرذائل وإما تحلية بالفضائل. والقسم الأول هو :
(١) ألا يقضى المؤمنون فى أمر قبل أن يقضى اللّه ورسوله فيه.
(٢) الهيبة والإجلال لرسول اللّه - ﷺ -، وألا تتجاوز أصواتهم صوته.
(٣) ألا يخاطبوه باسمه وكنيته كما يخاطب بعضهم بعضا، بل يخاطبونه بالنبي والرسول.
(٤) إن الذين يخفضون أصواتهم عند رسول اللّه أولئك هم المتقون.
(٥) إن من نادوه من وراء الحجرات كعيينة بن حصن ومن معه أكثرهم لا يعقلون.
(٦) ذمّ المنّ على اللّه ورسوله - ﷺ - بالإيمان.
والقسم الثاني هو :
(١) ألا نسمع كلام الفاسق حتى نتثبّت منه وتظهر الحقيقة.
(٢) إذا بغت إحدى طائفتين من المؤمنين على أخرى وجب قتال الباغية حتى تفيء إلى أمر اللّه.
(٣) حبب اللّه الصلح بين المؤمنين.
(٤) النهى عن السخرية واللمز والتنابز.
(٥) النهى عن سوء الظن بالمسلم وعن تتبع العورات المستورة وعن الغيبة والنميمة.
(٦) الناس جميعا سواسية مخلوقون من ذكر وأنثى، لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى. (٢)
================

(١) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (٦ / ٣٣٣٥)
(٢) - تفسير الشيخ المراغى ـ موافقا للمطبوع - (٢٦ / ١٤٩)


الصفحة التالية
Icon