وأدلة سنّية قراءتها في تلك المناسبات أحاديث، منها حديث جابر بن سمرة في صحيح مسلم أن النبي - ﷺ - كان يقرأ في الفجر ب ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ وكانت صلاته بعد تخفيفا.
وأخرج مسلم وأبو داود والبيهقي وابن ماجه عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان، قالت : ما أخذت ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ إلا عن لسان رسول اللَّه - ﷺ -، يقرؤها كل يوم جمعة على المنبر، إذا خطب الناس.
وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي عن عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه، أنه سأل أبا واقد الليثي ما كان يقرأ به رسول اللَّه - ﷺ - في الأضحى والفطر؟
فقال : كان يقرأ فيهما ب ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ واقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ.
والسبب أن العيد يوم الزينة والفرح، فينبغي ألا ينسى الإنسان خروجه إلى ساحات الحساب، فلا يكون فرحا فخورا، ولا فاسقا فاجرا، فيتذكر بالقرآن كما في بداية السورة : ق وَالْقُرْآنِ ونهايتها : فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ ويتأمل في قوله تعالى : ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ وقوله تعالى : كَذلِكَ الْخُرُوجُ وقوله سبحانه : ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ.
أوجه الشبه بين سورة ق وسورة ص :
لاحظ العلماء وجهي شبه بين سورتي ص وق وهما :
أولا - تشترك السورتان في افتتاح أولها بحرف واحد من حروف الهجاء، والقسم بالقرآن، وقوله : بَلْ والتعجب. كما أن أول السورتين وآخرهما متناسبان، ففي أول ص : وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ وفي آخرها : إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ، وفي أول ق : وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ وفي آخرها : فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ فافتتح بما اختتم به. أي أن السورتين تبدأ ان بحرف هجاء، وتبتدئان وتنتهيان بالتحدث عن القرآن.
ثانيا - عنيت سورة ص بتقرير الأصل الأول وهو التوحيد، في قوله تعالى : أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً وقوله تعالى : أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ، وعنيت سورة ق بتقرير الأصل الثاني وهو الحشر، في قوله تعالى : أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً، ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ.
وبدئت وختمت كل سورة بما يناسبها، فكان افتتاح سورة ص في تقرير المبدأ، ثم قال تعالى في آخرها : إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ لحكاية بدء الخلق، لأنه دليل الوحدانية، وكان افتتاح سورة ق لبيان الحشر، ثم قال سبحانه في آخرها : يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً، ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ فاتفق بدء كل سورة مع خاتمتها. (١)